شكت إمارتا منطقتي عسير والقصيم من معاناة لجان التعديات فيهما عند تنفيذ إزالة الإحداثات وقيام المحدثين بتقديم أوراق تتضمن أن لهم حجج استحكام في المحكمة. وكشفت مصادر ل«الحياة» عن أن وزارة الداخلية طلبت مرئيات المجلس الأعلى للقضاء في ما يخص توجيه القضاة لإصدار قرار قضائي بالتريث عن الإزالة إذا توافرت لدى القاضي القناعة بأن ما قدمه صاحب الدعوى من مستندات كافية لإصدار حجة استحكام، وعدم إقحام الجهات التنفيذية المعنية بالمحافظة على الأراضي الحكومية في هذا الأمر. وردّ المجلس الأعلى للقضاء بأن التعليمات الصادرة للمحاكم تنص على: «التأكيد على عدم الاكتفاء بتبليغ الأوامر والأحكام الصادرة في طلبات التوقف عن إزالة الأحداث بكتاب من ناظر القضية، وإنما ينظر في تلك الطلبات وفق الإجراءات الشرعية والنظامية بعد استئذان المقام السامي في ما يشترط له ذلك، ويضبط الأمر أو الحكم الصادر في الطلب، ويصدر به صك ويخضع لطرق الاعتراض». واستند المجلس أيضاً في إفادته إلى تطبيق على نظام المرافعات الشرعية، وعدم الإخلال في تطبيق الأحكام النظامية الخاصة بالأمور والدعاوى المستعجلة، إن كان الطلب داخلاً فيها، بما في ذلك شمول الحكم الصادر فيه بالتنفيذ المعجل. وحررت السعودية منذ بداية العام الميلادي الجاري أكثر من 26 ألف كيلومتر مربع، نهبها لصوص استغلوا ضعف الرقابة الحكومية، رصدتها «الحياة» من بيانات صحافية نشرتها وكالة الانباء السعودية (واس) خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وتفوق المساحة المستردة 30 ضعف مساحة العاصمة الألمانية برلين (892 كيلومتراً)، و200 مرة مساحة العاصمة الفرنسية باريس (105 كيلومترات). وتغيب الإحصاءات الرسمية عن حجم الأراضي المُعتدى عليها، لكنها تظهر بشكل واضح في مدن: مكةالمكرمة، والرياض، وجدة، والطائف، وهي أكثر المدن التي شهدت تحرير أراض خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة. وقدر اقتصاديون حجم الأراضي التي كانت منهوبة ولكن استردتها الدولة خلال الأعوام 2010 وحتى 2015، ببليون ونصف البليون متر مربع، تقدر قيمتها ب2.3 تريليون ريال، وهي قيمة الصكوك التي ألغتها وزارة العدل أو التعديات التي أزالتها وزارة الشؤون البلدية والقروية في 12 مدينة ومحافظة. وفي الوقت الذي يعاني فيه ملايين السعوديين من «أزمة إسكان»، يعمد لصوص الأراض إلى السطو على أملاك الدولة الواقعة خارج النطاق العمراني، وتخطيط وتقسيمها وبيعها إلى المواطنين بصكوك «وهمية»، وتجد إقبالاً عليها لانخفاض أسعارها. وأرجع مختصون انتشار التعديات على الأراضي الحكومية إلى «عدم وجود نظام واضح وشفاف لتوزيع الأراضي الحكومية، يأخذ في عين الاعتبار الحاجة لإيجاد المساكن، وعدم أخذ زكاة أو رسوم عليها»، ولكن وزارة الإسكان بدأت قبل أيام إصدار فواتير لهذه الأراضي في العاصمة الرياض وطالبت هيئة الرقابة والتحقيق في العام 2015، الجهات المختصة بنزع ملكية الأراضي غير المستغلة وإزالة «الشبوك»، مشيرة إلى أن وجودها أثر سلباً على الحياة المعيشية للمواطنين، وساهم في ارتفاع الأسعار والعقارات. واستعادت لجنة مراقبة الأراضي وإزالة التعديات في إمارة منطقة مكةالمكرمة خلال شهر تشرين (أكتوبر) الماضي حوالى ثمانية ملايين متر مربع متعدى عليها في طريق الخواجات. ونجحت الإمارة خلال الأعوام الماضية في استعادة أكثر من 180 مليون متر مربع من أملاك الدولة، قيمتها تتجاوز 35 بليون ريال. وفي شهر آذار (مارس) الماضي، أزالت لجنة التعديات في أملج تعديات على أراض حكومية تقدر مساحتها ب24 مليون متر مربع شملت حواجز حديد وعقوماً ترابية وأسلاكاً شائكة. وفي الشهر نفسه أزالت أمانة منطقة حائل تعديات على أكثر من 40 موقعاً بمساحة تقدر ب150 ألف متر مربع في بلديات وقرى عدة. وأزالت أمانة الطائف خلال شهر كانون الثاني (يناير) الماضي، تعديات على أراض حكومية في مشروع شمال المحافظة عبارة عن سواتر ترابية يبلغ طولها مليوني متر. وقدرت الأمانة مساحة الأراضي المستردة خلال السنوات العشر الأخيرة بأكثر من 37 مليون متر مربع شملت عقوماً وشبوكاً وأسواراً وغيرها من الاحداثيات.