مع حلول شهر رمضان الكريم، تحل ذكرى أول شهداء الدفاع المدني السعودي الجندي عائض المطيري، الذي استشهد صائماً قبل حوالى ستة عقود، ليتوالى بعده الشهداء، الذين لم تخل قصصهم من بطولات ما تزال مجهولة لدى كثيرين. كان المطيري ابن منطقة القصيم في العشرينات من عمره، حين كلف مع زميليه في محافظة عنيزة بإطلاق مدفع الإفطار مع غروب شمس اليوم ال13 من شهر رمضان، وأثناء تجهيز المدفع بالبارود انفجر فيه، ليفارق الحياة متأثراً بجروحه، فيما لم يصب زميلاه بأذى. أما آخر الشهداء فكان العريف عبد الرحمن الصفراء (24 سنة) الذي استشهد مدهوساً خلال نيسان (أبريل) الماضي، بعدما أنقذ محتجزين في سيارة كانت تغرق على طريق الدمام - الجبيل، في وقت شهدت فيه المنطقة أمطار غزيرة، ليفاجأ بسيارة على الخط السريع تصدمه ففارق الحياة إثرها. وبين المطيري والصفراء قائمة من الشهداء تحوي 137 من الضباط والجنود الذين تعددت أسباب استشهادهم بين الموت حرقاً أو غرقاً أو دهساً أو حتى صعقاً بالكهرباء أو سقوطاً من طائرة أو داخل بئر، وتحرص «الدفاع المدني» على إحياء ذكرى شهدائها حتى بعد مرور عشرات السنوات، بتغريدات تبثها من خلال حسابها في موقع «تويتر» للتذكير ببطولاتهم، وأرفقت بعضها بصور للتعريف بهم وتاريخ استشهادهم. وتضمنت أسماء الشهداء التي نشرته خلال شهر أيار (مايو) الجاري، كل من: سلطان عشق شفلوت من مكةالمكرمة الذي استشهد في العام 1432ه، ومحمد الفهيد من الأحساء 1427ه، وعبد اللطيف الحربي من المدينةالمنورة 1428ه، وغنام العمري من مكةالمكرمة 1415ه، وأحمد السبيعي من الشرقية 1427ه، وذيب العتيبي من الرياض 1400ه، وعلي آل لباد من الشرقية 1399ه. يضحي بحياته لإنقاذ كلب من الغرق قد تكون المخاطرة لإنقاذ البشر واردة، لكن رجال الدفاع المدني تعدوها إلى الموت لإنقاذ حيوانات، على غرار ما حدث في شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، بعدما لقي الرقيب يحي أبو جبل مصرعه داخل بئر أثرية عمقها 30 متراً في محافظة أبو عريش (منطقة جازان)، حين حاول إخراج كلب منها، وفوجئ أثناء عمل شريط تحذيري حول البئر، بهطول الأمطار واختل توازنه وسقط داخلها، واستغرق الغواصون نصف ساعة للعثور على زميلهم ووجدوه في حال خطرة، نقل إثرها إلى المستشفى وفارق الحياة لاحقاً. ولم يتردد الجندي عبد الله السبيعي في التحرك لإنقاذ محتجزين داخل منزل التهمته النيران في حي الربوة بمدينة جدة، في العام 2013، واستطاع هو وزملائه إخلاء المبنى المحترق والسيطرة على النار، إلا أن سقف الدور الثاني انهار على المنقذين، واستشهد السبيعي في الموقع نفسه، وأصيب زميله. يرى صورة والده للمرة الأولى في تغريدة قبل أكثر من ثلاثة أعوام، تعرف أحد أبناء الشهداء على صورة والده للمرة الأولى «مصادفة» بعد تغريدة نشرتها «الدفاع المدني» في ذكرى مرور ثلاثة عقود على استشهاد الجندي محمد البيشي، وأكد الابن أنه لم ير صورته من قبل، إذ توفي والده قبل مولده. وتحتفي «الدفاع المدني» سنوياً بشهدائها في مناسباتها العامة، ومن خلال موقعها الإلكتروني، وخصصت قاعة تتوسط بهو مقرها الرئيس في الرياض، لعرض صورهم وأسماءهم ورتبهم ونبذة عن استشهادهم، فيما تحرص سنوياً على التعريف بهم من خلال ركنها الخاص في مهرجان «الجنادرية» التراثي الذي شهدت نسخته الأخيرة «جدارية» تحمل صورهم وأسمائهم. ونظم الاتحاد السعودي للفروسية في نيسان (أبريل) الماضي كأس «شهداء الوطن» لمدة ثلاثة أيام في الرياض، وقدمت الدعوة فيها إلى أسر الشهداء لحضور فعاليات البطولة وتتويج الفائزين. التزاحم قتل القثامي بعد انتشاله جثة الطفل لقي العريف نايف القثامي مصرعه قبل حوالى خمسة أعوام، أثناء إنقاذه طفل (ثلاثة أعوام) بمركز رهاط، بعدما ورد بلاغ عن فقدانه، واشتبه في سقوطه داخل بئر يملكه والده عمقها 25 متراً، وارتفاع المياه ستة أمتار. وارتدى القثامي بدلته لينزل إلى البئر، وعثر على الطفل غريقاً، وسلمه إلى أهله الذين تزاحموا عند حافة البئر بالمئات. وتسبب التدافع في اختلال توازن القثامي، واصطدم رأسه بحافة البئر، وسقط داخله فاقداً الوعي، وسارع زملائه لإنقاذه، لكنه فارق الحياة متأثراً بإصابته، وشكلت إثرها لجنة للتحقيق في ملابسات الحادث. القحطاني يسقط في «اليوم العالمي» ومن أبرز الحوادث وأغربها سقوط الجندي عبد العزيز القحطاني من مروحية في احتفالات «الدفاع المدني» بيومه العالمي، إذ فوجئ الحضور بسقوطه من المروحية أثناء تحليقها قبل أن يرتطم بالأرض ويلقى مصرعه، وانتشرت آنذاك صور سقوطه على نطاق واسع، وشكلت لجنة للتحقيق في غياب إجراءات السلامة الخاصة بالمروحية. وتضم قائمة الشهداء الرقيب مسلم الذيباني، الذي استشهد عقب إخماده حريقاً في عمارة سكنية وسط جدة في العام 2014، بعدما نجح وزملائه في إخلاء المبنى من السكان ومحاصرة الحريق، إلا أنه شعر بإجهاد وآلام أثناء الإنقاذ ونقل إلى مستشفى الملك فهد، وغادرها بعد إجراء الفحوص، لكن سرعان ما عاودته الآلام مرة أخرى وفارق الحياة لاحقاً. المحيميد يستشهد في حريق واستشهد الجندي فهد المحيميد في حفر الباطن في العام 2010، بعدما اقتحم وزميلاه منزلاً يحترق وحوصر داخله عمال آسيويين، وأثناء إنقاذ العمال سقط عليهم سقف الغرفة، واستشهد المحيميد بعدما أصيب بحروق شديدة، فيما أصيب الجنديان الآخران ونقلا إلى المستشفى. وقبلها بأشهر قليلة، سجل الجندي عبد الله العساف (22 عاماً) موقفاً بطولياً، بعدما حاول إنقاذ عامل مصري سقط في مصرف صحي كان ينظفه، وسقط العساف معه في المصرف، ونقل الاثنان إلى المستشفى، ألا أنه توفي بعدها بساعات، وأكد والده آنذاك أنه لم يكن يمض أسبوع على انتقاله إلى عمله الجديد.