سجلت إحدى محاكم الأحوال الشخصية في المنطقة الشرقية، تطوراً مغايراً في قضايا «النفقة» التي تضج بها أروقة المحاكم السعودية، وذلك بعد تلقيها دعوى نفقة تقدم بها أب سعودي ضد أبنائه من زوجته السابقة، وطالب المحكمة بإلزام ابنيه بدفع «نفقة شهرية» له تحددها المحكمة، إلا أن الأخيرة أقرت رد الدعوى «لعدم استحقاقه». وفي الوقت الذي تزاحم فيه قضايا «النفقة» القضايا الخاصة بالأحوال الأسرية التي تنظرها دوائر الأحوال الشخصية في المحاكم العامة في المملكة، التي تطالب بها «عادة» الزوجة والد أبنائها «قانونياً» بدفع نفقة شهرية لأبنائه، أصدرت إحدى محاكم الأحوال الشخصية في المنطقة الشرقية أخيراً حكماً برد دعوى مواطن، طالب فيها ابنيه ب«نفقة شهرية». وكان سعودياً تقدم بدعوى أمام المحكمة طالب فيها بإلزام اثنين من أبنائه بالنفقة عليه بمبلغ يقدره اجتهاداً مجلس المصالحة والتحكيم التابع لوزارة العدل، الذي يقضي بإلزام «المدعي عليه» بدفع المستحق عليه شرعاً للمدعي بعد صدور حكم النفقة، إلا أن المدعى عليهما (ابني المدعي) أكدا خلال ردهما على الدعوى أن والدهما لم يقم بواجبه في النفقة عليهما في طفولتهما، التي قضياها مع والدتهما عند أخوالهما. فيما أقر قاضي المحكمة، رد الدعوى المقدمة عقب إحالتها إلى لجنة الصلح بالمحكمة، وذلك بعد التأكد من عدم استحقاق المدعي للنفقة، وعدم قدرة الأبناء عليها، واتضاح السبب وراء إقامتها - بحسب وصف اللجنة - «عقوق الأبناء لوالدهم». وتعد دعوى الأب واحدة من عدد من دعاوى النفقة التي تشهدها محاكم الأحوال الشخصية في المملكة، وألزمت محاكم التنفيذ في المملكة خلال العام الماضي أكثر من 2600 زوج بالنفقة على زوجاتهم وأولادهم، وبحسب إحصاء رسمي صادر عن وزارة العدل، فإن مكةالمكرمة احتلت صدارة مناطق المملكة لناحية عدد القضايا المنظورة والمتعلقة بالنفقة ب1051 قضية تنفيذ حكم نفقة خلال العام 1437ه، تليها الرياض ب695، وحلّت الشرقية ثالثة ب371، فيما كانت نجران الأقل تسجيلاً لقضايا الامتناع عن تنفيذ حكم النفقة ب12 قضية. وحول قضايا النفقة، أوضح المحامي والمستشار القانوني سلطان المخلفي ل«الحياة» أنه «يشترط في الإلزام بالنفقة أن يكون المنفق عليه فقيراً لا مال له ولا كسب يستغني فيه به عن إنفاق غيره، فإن كان موسراً بمال أو كسب يستغني به فلا نفقة له، وأن يكون لمن تجب عليه النفقة ما ينفق عليهم، فضلاً عن نفقة نفسه، إما من ماله وإما من كسبه، فأما من لا يفضل عنه شيء، فليس عليه شيء إضافة إلى شرط أن يكون المنفِق وارثاً». وأكد المخلفي أن إنفاق الرجل على أولاده المحتاجين واجب بالإجماع شرعاً وقانوناً، «لأن ولد الإنسان بعضُه، وهو بعض والده، فكما يجب عليه أن يُنفق على نفسه وأهله كذلك على بعضه وأصلِه»، مشيراً إلى أنه تسقط النفقة عن الولد إذا كان له مال يستغني به ولو كان صغيراً أو إن كان بالغاً وقادراً على الكسب، وتابع: «أما إن كان بالغاً ولكنه لا يقدر على الكسب فعلى الوالد النفقة عليه».