نفى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمس، اتهامات الرئيس السوداني عمر البشير بدعم متمردي دارفور، وأكد أن سياسات بلاده الثابتة «التي لم ولن تتغير، تعتمد على عدم التدخل في شؤون الآخرين، مصر لا تتآمر على أحد»، مشدداً على أن مصر «تتعاون فقط من أجل البناء ولا نرتكب تلك الأفعال» التي وصفها ب «الخسيسة». وأوضح السيسي، على هامش مؤتمر صحافي مشترك أعقب اجتماعه مع المستشار النمسوي كريستيان كيرن قائلاً: «كنت وجوداً قبل أيام في مؤتمر القمة العربية الأميركية الإسلامية وتحدثت عن استراتيجية واضحة لمكافحة الإرهاب، وبعدها بيومين يوجه أحدهم هذا الاتهام إلى مصر»، وأضاف أن «مصر لا ترتكب تلك الأفعال ولن تفعلها. مصر تتعاون فقط من أجل البناء ولا نقوم بتلك الإجراءات الخسيسة»، مشدداً على أننا «لا نتآمر ضد أي أحد خصوصاً الجيران. ندير سياسة شريفة في زمن عز فيه الشرف. نحن دولة رشيدة تحترم نفسها وتحترم الآخرين، لها وجه واحد ولا تتعامل بازدواجية ولن تكون أبداً ذيلاً (تابعة) لأحد. وفي حال حصول مشكلة نحلها بالحوار وليس بالتآمر». وكانت الخارجية المصرية أصدرت بياناً مساء أول من أمس، تعقيباً على الاتهامات السودانية، أكد فيه الناطق باسم الوزارة أحمد أبو زيد أن مصر «تحترم سيادة السودان على أراضيه، ولم ولن تتدخل يوماً في زعزعة دولة السودان الشقيقة أو الإضرار بشعبها»، وشدد على أن سياسة مصر الخارجية «تتأسس على احترام القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار وعدم الاعتداء على الغير، لاسيما عند التعامل مع دول تربطها بمصر علاقات أخوية خاصة مثل السودان»، وأضاف أن «القاصي والداني يعلم جيداً أن مصر كانت الداعم الرئيسي لوحدة السودان شمالاً وجنوباً، وبذلت كل الجهود لجعل خيار الوحدة هو الخيار الجاذب لشعب جنوب السودان قبل الاستقلال»، قبل أن يعرب أبو زيد عن «الأسف لإطلاق مثل تلك الاتهامات، في الوقت الذي وظفت فيه مصر ديبلوماسيتها على مدار قرابة الخمسة عشر عاماً للدفاع عن السودان ضد التدخلات الأجنبية ومحاولات فرض العقوبات على المسؤولين السودانيين وإدانة السودان في المنظمات والمحافل الدولية، كما شاركت مصر في جميع مفاوضات السلام بين الحكومة السودانية وحركات التمرد الدارفورية، ولديها قوات على الأرض حالياً ضمن بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة لدعم الاستقرار والسلام في دارفور». وكان الرئيس المصري استقبل أمس في قصر الاتحادية مستشار النمسا كريستيان كيرن، وعقدا جلسة محادثات ثنائية، أعقبها جلسة محادثات موسعة ضمت أعضاء الوفدين، وفقاً للناطق باسم الرئاسة المصرية السفير علاء يوسف، الذي أوضح أن السيسي أكد على العلاقات المتميزة التي تربط بين مصر والنمسا وحرص مصر على الارتقاء بمستوى التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، فضلاً عن مواصلة التشاور حول القضايا ذات الاهتمام المشترك. وأكد تطلع بلاده لأن تساهم زيارة المستشار النمساويالقاهرة في تعزيز التعاون مع النمسا في مختلف المجالات، ولا سيما على الصعيد الاقتصادي، منوهاً بأهمية عقد اللجنة المشتركة بين البلدين والعمل على زيادة التبادل التجاري. وأعرب كيرن عن سعادته بزيارة مصر، مشيراً إلى ما يجمع بين البلدين من علاقات تاريخية وطيدة، ومشيداً بما حققته مصر خلال السنوات الماضية على صعيد تعزيز الاستقرار وإجراء الإصلاحات الاقتصادية الشجاعة التي ستساهم بتحقيق التنمية الاقتصادية. وأشار المستشار النمسوي إلى اهتمام الاتحاد الأوروبي بدعم أمن مصر واستقرارها، والمساهمة في دفع عملية النمو الاقتصادي، منوهاً بدورها المهم في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، ومشيداً بالجهود التي تبذلها مصر على صعيد مكافحة الإرهاب. وأوضح كيرن، وفقاً للبيان الرئاسي المصري، أهمية تعزيز التشاور والتنسيق بين البلدين إزاء مختلف القضايا الإقليمية، لاسيما في ضوء ما ينتج عن الأزمات القائمة بالمنطقة من تحديات مشتركة على البلدين، على رأسها خطر الإرهاب. وذكر السفير علاء يوسف أن السيسي عرض خلال اللقاء مجمل تطورات الأوضاع في مصر، مشيراً إلى خطوات الإصلاح الاقتصادي والجهود المبذولة لتحسين مناخ الأعمال وجذب الاستثمارات وزيادة معدلات النمو، بالإضافة إلى تنفيذ العديد من المشاريع القومية بما يوفر فرص العمل ويُحقق نهضة بالقطاعات الاقتصادية والخدمية المختلفة. وأشار إلى تطلع مصر لاستفادة الشركات النمسوية من الفرص الاستثمارية المتنوعة التي تتيحها المشاريع التنموية الجاري تنفيذها، خصوصاً في المناطق الاقتصادية الجديدة مثل العاصمة الإدارية الجديدة ومنطقة قناة السويس. كما تم الاتفاق على تبادل زيارات الوفود الاقتصادية خلال المرحلة المقبلة لبحث آفاق التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين. وأوضح الناطق باسم الرئاسة المصرية أنه تم خلال اللقاء التباحث في شأن تداعيات الأزمات التي تشهدها بعض دول المنطقة على أمن الشرق الأوسط وأوروبا واستقرارهما، ومن بينها مواضيع تدفق اللاجئين والمهاجرين وسبل التعامل معها، وجهود مكافحة الإرهاب والتطرف. كما تم استعراض الجهود المبذولة للتقريب بين الأشقاء في ليبيا لدفع العملية السياسية واستعادة الاستقرار هناك، وذلك بما يحفظ وحدة الأراضي الليبية ومؤسساتها الوطنية ويصون مقدرات شعوبها.