تفاقمت خطورة الأوضاع في مناطق إنتاج النفط والغاز في جنوب شرقي تونس أمس، إذ قُتِل شاب متأثراً بجروح أصيب بها خلال اشتباكات بين محتجين عاطلين من العمل ووحدات الشرطة في محافظة تطاوين، وذلك غداة إغلاق محتجين محطتين لضخ النفط والغاز مطالبين بإيجاد وظائف فيها لشباب المنطقة القريبة من الحدود مع ليبيا. وأعلن مسؤول في مستشفى تطاوين أن الشاب أنور السكرافي توفي متأثراً بجروحه بعدما صدمته سيارة للشرطة أثناء المواجهات في منطقة الكامور الصحراوية حيث تصدى رجال الأمن لمحاولة اقتحام محطة لضخ النفط. وأفاد شهود بأن مواجهات عنيفة دارت بين المتظاهرين والشرطة التي أطلقت قنابل غاز بكثافة، ما أسفر عن حالات اختناق وصعوبة في التنفس، فيما أقدم متظاهرون على اقتحام مديرية الحرس الوطني (الدرك) وإضرام النار داخلها احتجاجاً على تعامل عناصر الأمن بقسوة مع المحتجين. ورأت مصادر سياسية أن وفاة متظاهر وإصابة آخر بجروح خطرة، «تحوُّل خطر في مسار الاحتجاجات المطلبية» التي حافظت على طابعها السلمي على مدى أسابيع، ومقدمة لتصاعد التوتر في مناطق إنتاج النفط والغاز. ولوحظ أنه على رغم تهديد وزير الدفاع فرحات الحرشاني باستخدام الجيش القوة ضد المحتجين في حال حاولوا اقتحام المنشآت أو الهجوم على عناصر أمنية، فإن الوحدات العسكرية المكلفة حماية محطات ضخ النفط والغاز، تراجعت أمام إصرار المحتجين، تفادياً لإطلاق الرصاص في اتجاههم، ما أدى إلى الاستعانة بالشرطة لقمع الاحتجاجات. وحذر «الاتحاد العام التونسي للشغل» (أكبر منظمة عمالية في البلاد) من «التصعيد الحاصل في المنطقة النفطية في كل من تطاوين وقبلي»، داعياً الشبان المحتجين إلى عدم الانسياق وراء دعوات تدفع إلى التصادم مع الجيش، ما يؤدي إلى إنهاكه وتعطيل الإنتاج. وحذر «اتحاد الشغل» في بيان «بعض الأطراف التي تسعى إلى توظيف التحركات الاحتجاجية لمصلحتها»، داعياً إلى المساهمة إيجاباً في البحث عن حلول، بدل تعجيز الدولة». كما دعا البيان حكومة رئيس الوزراء يوسف الشاهد إلى «الحضور على الأرض ومتابعة الحوار مع الشباب المحتجين وإيجاد الحلول الناجعة». وينفذ عشرات المحتجين اعتصاماً منذ الشهر الماضي في منطقة الكامور التي تضم حقول النفط والغاز، مطالبين بتوظيف أبناء المحافظة في شركات الطاقة وتنمية المنطقة. ويهدد المعتصمون بإغلاق محطات أخرى لضخ النفط والغاز، في خطوة اعتبرتها السلطات التونسية تهديداً حقيقياً للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. وتنتج تونس نحو 40 ألف برميل من النفط يومياً (وكمية مماثلة من الغاز الطبيعي) ولا تُعد من الدول الكبرى المنتجة للنفط. إلا أن تراجع إنتاج الطاقة بات ملموساً في السنوات الست الماضية نتيجة ارتفاع وتيرة التحركات الاحتجاجية التي عطلت الإنتاج في حقول النفط والغاز والفوسفات. وتشير إحصاءات رسمية إلى أن مساهمة شركات الطاقة في الموازنة العامة للدولة تراجعت من 1.3 بليون دولار في العام 2010 إلى 400 مليون دولار في العام الجاري، في مقابل ارتفاع إنتاج الفوسفات بنسبة 46 في المئة هذا العام، وهي أعلى نسبة تسجلها تونس منذ إطاحة النظام السابق في كانون الثاني (يناير) 2011.