نقلت مصلحة السجون الإسرائيلية أسرى مضربين عن الطعام إلى مستشفى «برزيلاي» في مدينة المجدل عسقلان بعد توقف عدد منهم عن شرب الماء تدريجاً وخطورة وضعهم الصحي، في وقت أكدوا أنهم لا يزالون «يتنفسون حريةً وكبرياءً» بعد 34 يوماً من الإضراب المفتوح عن الطعام. وقال محامي نادي الأسير الفلسطيني خالد محاجنة نقلاً عن الأسير المضرب محمد أبو الرب من مدينة جنين شمال الضفة الغربية في سجن عسقلان، إن «إدارة السجن تمارس ضغوطاً كبيرة على الأسرى، عدا عن استمرارها في اتخاذ إجراءات تنكيلية في حقهم، وفرض عقوبات عليهم»، كما «حولت أحد الأقسام إلى عيادة ميدانية تفتقر إلى أي معدات طبية، ويقدم فيها سكر الغلوكوز فقط للأسرى الذين يرفضون في المقابل تناوله». وأشار إلى أن إدارة السجن «حاولت مراراً الجلوس مع الأسرى وتقديم عروض لهم، إلا أنهم رفضوا أي حوارات من دون قيادة الإضراب». في السياق ذاته، أكد 50 أسيراً مضرباً عن الطعام في سجن عسقلان في رسالة وصلت إلى اللجنة الإعلامية لإضراب «الحرية والكرامة»، أنهم لا يزالون «يسطرون أسمى معاني الصمود والثبات على رغم كل الإجراءات التنكيلية والقمعية التي تنتهجها حكومة الاحتلال وإدارة السجون في حقهم منذ اليوم الأول للإضراب» في 17 نيسان (أبريل) الماضي. وقالوا في رسالتهم المؤثرة: «ما زلنا نطرق أبواب الزنازين من (سجون) شطة إلى عسقلان، ومن نفحه إلى النقب، ومن الجلمة إلى أيلون، ومن عزل مجدو إلى هداريم والسبع ونيتسان، جيش باسل من خيرة أبناء هذا الشعب، نصرخ مكبّرين ومهللين متحدين السجان وبطشه وإجرامه الوحشي». وأضافوا: «34 يوماً وما زلنا نتنفس الحرية والكبرياء، نسير إلى الموت مبتسمين، ونتربع على بطانية سوداء هي كل ما تركوه لنا حول كأس ماء وقليل من الملح، نغني للوطن وربيع الانتصار القادم». وتابعوا: «عن أجسادنا لا تسألوا، فقد خانتنا وتهاوت منذ أيام، أما عن أرواحنا وإرادتنا نطمئنكم فهي بخير، صامدون كما الصخر في (جبل) عيبال (في نابلس شمال الضفة) والجليل (شمال فلسطين التاريخية)، أقسمنا اليمين على أن نواصل حتى النصر أو الشهادة، وعاهدنا أرواح الشهداء أن لا تكون هذه المعركة إلا شمعة انتصار نضيئها بأرواحنا وأجسادنا على درب الحرية والاستقلال». وجاءت الرسالة في وقت واصل نحو 1600 أسير إضرابهم المفتوح عن الطعام في «معركة الحرية والكرامة». وقالت اللّجنة الإعلامية إن «قيادة الإضراب لا تزال تمسك بقوة بزمام إدارة إضراب الحرية والكرامة والمفاوضات التي تجرى في هذا الإطار، في أصعب مراحل الإضراب وأشدها حساسية». وأشارت إلى أن «ذلك تجلى عقب قرار الحكومة الإسرائيلية قبل أيام تكليف رئيس (جهاز الأمن العام) شاباك وإدارة مصلحة السجون بضرورة إنهاء الإضراب قبل زيارة الرئيس دونالد ترامب للمنطقة؛ حتى لو أدى ذلك إلى استجابة معظم مطالب قيادة الإضراب». ولفتت إلى أن «هذا النزول المفاجئ لحكومة الاحتلال عن شجرة التعنت والمكابرة يعكس رضوخاً واضحاً أمام قيادة الإضراب بل تصاعده بعد 34 يوماً». واعتبرت أن «قرار كسر قيادة الإضراب وعزلها للحد من المكاسب المعنوية ودلالاتها هدف معلن للحكومة الإسرائيلية، وإصرار الحكومة الإسرائيلية على تحييد قيادة الإضراب وعدم مفاوضتها مباشرة ووضع كل هذه المحاولات في طريق مغلق». وشددت على أن «حيثيات إخراج المشهد النهائي لهذه المعركة تبقى رهن قرار قيادة الإضراب حتى هذه اللحظة، ولا تزال القيادة هي العنوان والوجهة النهائية لإقرار أي حلول مقترحة أو رفضها بمعزل عمن يقدمها». وطالبت «بالتعاطي بحذر مع ما ينشر من تسريبات في الإعلام الإسرائيلي عن مجريات هذه المفاوضات، إذ إن إعلام الاحتلال جزء لا يتجزأ من المنظومة التي تستهدف كسر الإضراب، ويهدف في شكل رئيس لبث تطمينات للشارع الفلسطيني للحد من تصاعد الإسناد الشعبي». ويخوض الأسرى «معركة الحرية والكرامة» لتحقيق مطالب أساسية تحرمهم إدارة مصلحة السجون منها، أبرزها إنهاء سياسة الاعتقال الإداري، والعزل الفردي، ومنع زيارات العائلات وعدم انتظامها، والإهمال الطبي، وغير ذلك من المطالب المشروعة. في هذه الأثناء، استقبل الرئيس محمود عباس مساء أول من أمس في مقر إقامته في البحر الميت رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر ماورير بهدف متابعة أوضاع الأسرى المضربين. وأشار عباس إلى «أهمية دور الصليب الأحمر في متابعة الأوضاع الصحية للأسرى المضربين عن الطعام»، كما طالب اللجنة «بالضغط من أجل تنفيذ مطالب الأسرى المضربين عن الطعام الإنسانية والمشروعة، وضرورة تكثيف زيارات العائلات للأسرى، والعمل على وقف الاعتقالات الإدارية اللاقانونية». من جانبه، أكد ماورير «استعداد اللجنة الدائم لتقديم العون والخدمة الإنسانية ضمن الولاية المنوطة بها»، ووعد «بتسهيل ودعم مزيد من الزيارات لذوي المعتقلين ومتابعة موضوع الاعتقالات الإدارية مع الجهات المعنية كافة»، علماً أن اللجنة الدولية تقوم بمثابة المؤسسة الدولية التي تعمل على تنفيذ قواعد القانون الإنساني الدولي». إلى ذلك، نظم عشرات من ذوي الحاجات الخاصة (المعوّقين) مسيرات محمولة مستخدمين عرباتهم الكهربائية والميكانيكية للتضامن مع الأسرى المضربين. وانطلق المعوقون صباح أمس من المنطقة الشرقية لمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، ووصلوا إلى خيمة التضامن مع الأسرى المضربين في ساحة السرايا وسط مدينة غزة ظهراً.