فيما تواصل إسرائيل الرسمية استعداداتها لاستقبال الرئيس دونالد ترامب الاثنين المقبل، تناولت وسائل الإعلام الزيارة المتوقعة بتشكيك في أن تنجح في تحريك العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين، مشيرة إلى أن التطورات الداخلية في الولاياتالمتحدة و «العواصف المتتالية» التي تلاحق الرئيس سترافقه في زيارته كظل ثقيل، وستسحب البساط من تحت الزيارة التي كان مفروضاً أن تكون تاريخية لتصبح ربما هيستيرية». وفي الجانب الفني، أفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» بأن الفوضى في الجدول الزمني لا تزال تطغى على الاستعدادات حيال تغييرات يجريها منظمو الزيارة الأميركيون تباعاً، آخرها القرار بأن لا يتاح للصحافيين توجيه أسئلة للرئيس خلال مؤتمره الصحافي المشترك مع رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو بعد لقائهما. وطبقاً للبرنامج، فإن طائرة ترامب ستحط في مطار اللد (شرق تل أبيب) صباح الاثنين ليطير بعدها في مروحية عسكرية إلى دار رئيس الدولة حيث يلتقي الرئيس رؤوفين ريفلين، ثم يقوم بزيارة خاصة من دون مرافقين إسرائيليين إلى كنيسة القيامة، ومنها إلى «حائط المبكى» (البراق)، ثم فندق «الملك داود» في القدس لاستراحة ساعتين، ليلتقي مساء نتانياهو في لقاء عمل تتبعه مأدبة عشاء في منزل الأخير. وصباح الثلثاء، يلتقي الرئيس الأميركي في بيت لحم نظيره الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) ثم يعود إلى القدس لزيارة «مركز إحياء ضحايا الهولوكوست- ياد فاشيم» ثم متحف إسرائيل حيث يلقي خطابه المركزي، ويغادر بعده إسرائيل. ولفت معلقون إلى تجنب نتانياهو ووزرائه إطلاق تصريحات تتعلق بالزيارة بعد أن أدركوا أن الرئيس «غير متوقع» وبعد تصريحات نسبت إليه في شأن حق الفلسطينيين في الكرامة وتقرير المصير، ورفضه حالياً نقل السفارة الأميركية إلى القدس، ورفض مرافقته إلى «حائط المبكى (البراق)». وكتب أحدهم أن ثمة تقديرين متناقضين لسلوك نتانياهو المتوقع خلال الزيارة: الأول أن يستغل تورط ترامب في تسريبه لروسيا معلومات استخباراتية سرية وصلته من إسرائيل ليطالبه بتعويض سياسي، أو أنه سيدرك أن من المفضل عدم إغضاب الرئيس الضيف الذي يعيش ضائقة كبيرة من خلال التقدم بمطالب لا لزوم لها. كما تناول المعلقون «القلق الكبير» الذي يساور أقطاب اليمين المتشدد، في مقدمهم زعيم «البيت اليهودي» نفتالي بينيت الذي كان قبل ستة أشهر على رأس المحتفلين بفوز ترامب، مما يحمله الرئيس في جعبته. وكتب أحدهم أن «الحماسة العبثية التي تملكت اليمين الإسرائيلي مع انتخاب ترامب، وكان بينيت وأصدقاء نتانياهو في وسائل الإعلام أكثر المروجين لها، تبدلت بقلق جدي من الآتي». وأضاف أن بعض أقطاب اليمين يرى في الرئيس ترامب «رجلاً مصاباً بلوثة عقلية وسطحياً يرى أن حل الصراع يتأتى من صفقة عقارية يجب إتمامها بسرعة». وبحسب مراسل صحيفة «هآرتس» في واشنطن حيمي شاليف، فإن الإعلام الأميركي لن يتناول تغطية تفاصيل الزيارة إنما «سيرافق بعدسة مجهر ردود فعل الرئيس ومزاجه حيال العواصف التي خلّفها وراءه في بلاده، وسيقوم المراقبون بتحليل إن كان أي حركة أو تصريح أو مبادرة ناجم عن وضعه الداخلي ومشاكله». وأضاف أن من المتوقع أن يسعى ترامب إلى إطلاق عناوين سواء تتعلق بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، أو إطلاق مبادرة سياسية جديدة أو تهديد إيران أو «إشعال أي حرب تصرف الأنظار ليومين عن مشاكله الداخلية». وأضاف أن «مَن حلم بأن تكون الزيارة بشرى لفجر يوم جديد لمكانة الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط بعد فترة التأتأة والإحباط في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، سيضطر إلى إرجاء تحقيق أحلامه وطموحاته لموعد آخر». وشكك المعلقون في أن ينجح ترامب، إزاء انغماسه في مشاكله الداخلية، في «بلورة صفقة سياسية استثنائية بين إسرائيل والفلسطينيين، كما سبق أن أعلن، أي أن ينجح في الحصول على تفاهمات بين الطرفين لم ينجح أسلافه الثلاثة، أوباما وجورج بوش وبيل كلينتون، في تحقيقها». ورأى المعلق العسكري في الصحيفة عاموس هارئيل أن «الأشهر الأولى من ولاية الرئيس هي إلى الآن ما حذرنا منه... سيرك عديم المسؤولية محفوف بأخطار جمة، أو كما كتبت التايمز هذا الأسبوع أن الإدارة الأميركية ترتجل مرة تلو الأخرى، وبعد ذلك تطلق النار على رِجلها». وفي ضربة جديدة لإسرائيل (وكالة سما)، نشر البيت الأبيض فيديو دعائياً يظهر الجولات الرسمية التي سيجريها ترامب خارج الولاياتالمتحدة، وكان لافتاً فيه ظهور إسرائيل من دون المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967، ومن دون أيضاً الجولان السوري المحتل عام 1967.