نودّع بمغيب شمس هذا اليوم (الجمعة) سنة مالية حافلة بالإنجازات والأخطاء، وندخل في عام آخر ينتظر ان يكون بمشيئة الله عام خير ويمن على الوطن والمواطن. وبنظرة شاملة للاقتصاد السعودي فإن كل عام جديد، ومنذ 2003 الى مساء هذا اليوم أفضل من سابقه وأكثر انجازاً واضافة، ولن يستطيع الشخص مهما حاول حصر الانجازات التي تحققت سواءً في صورة مشاريع جديدة، أو ترميم وتحديث مشاريع قائمة، أو زيادات مالية أملتها طبيعة المرحلة وكثرة المتغيرات التي عصفت بالعالم خلال الاعوام الثلاثة الأخيرة خاصة. إلا أن الانجازات الكبيرة كان يمكن ان تكون أفضل وأحسن لو قدر لهاإدارة ناجحة على قدر من المسؤولية. فهناك مشاريع لم تنفذ على رغم اعتمادها، وأخرى تأخر موعد تنفيذها بلا مبرر، وثالثة كانت أقل من مواصفات عقدها، ورابعة نخر الفساد هيكلها وضوعفت أرقام تنفيذها على رغم انها تنفذ عند الآخرين بأقل من نصف كلفتها عندنا. وهذه الأخطاء التراكمية لم تجد طوال الثماني سنوات الماضية من يسبر أغوارها ويحاسب المتسبب فيها، ويساءل المقصر، ويعاقب الفاسد والمتنفع من ورائها. وهذا أيضاً يعود لعدم وجود ادارة على مستوى الاقتصاد الكلي ترشد المشاريع، وتوزعها بحسب الأهمية، وتراقب عقودها وآليات تنفيذها، وتعاقب المقصر والفاسد ومن يقدم مصلحته على مصلحة الوطن والمواطن. نقطة أخرى، وهي أن هناك قطاعات وعلى رغم استحواذها على حصص كبرى في الموازنة إلا ان انتاجيتها أو أداءها لم يتطور، بل ربما تراجع للأسوأ، فالتعليم في شقه العالي تطور ويعمل بشكل جيد على رغم بعض الأخطاء، أما في شقه العام فلا يزال يعاني من مشكلاته المتراكمة عاماً بعد آخر من دون ان يتقدم او يتحسن. وفي ما يخص الصحة، فإنه على رغم زيادة المستشفيات وتحول موظفي القطاع الخاص الى العلاج المدفوع، وهو ما خفف عنها الازدحام كثيراً، إلا أن أداءها يسير الى الأسوأ، فما زالت المواعيد والأسرّة غير متاحة للمواطن، وما زالت الأخطاء الكبيرة ترتكب، ولا أعتقد انه يجوز للصحة أن تتغنّى بأي انجاز، في ظل تبديل المواليد الذي ارتكب في بعض مستشفياتها أو خطف الأطفال، ومهما كان الانجاز، إلا ان هذه الأخطاء والأفعال كفيل بمسح اي صورة جيدة، فما بالك والصورة سيئة أصلاً. وأما الخطوط السعودية، فللأسف أنها لم تحقق طموحات مستخدميها، فمنذ أربعة أعوام وخطوطنا تتراجع، وليس أكيداً أنها ستتطور عند التخصيص، والأهم أن خطوطنا لن تكون قادرة على المنافسة في ظل ثبات كبير للخطوط المجاورة، كما ان الأكيد ان استعادة الثقة والعميل هي العملية الأكثر صعوبة في ظل توافر البدائل للمسافرين. وأختم بأن الاقتصاد وعلى رغم الطفرة التي يشهدها إلا ان مشكلاته التراكمية تزداد عاماً بعد آخر، فالتضخم في زيادة، والبطالة لم تحل، ومشكلة الاسكان تراوح مكانها، وهو ما يجعل المتتبع لمسيرة الاقتصاد السعودي يوقن بأهمية وجود ادارة للاقتصاد الكلي توجه الموارد، وتفلتر المشاريع، وتراقب التنفيذ، وتسعى إلى حل المشكلات المتراكمة، حتى لا نعود لوقت «القلة» و«الشح» بالمشكلات نفسها، وساعتها سنندم كثيراً على عدم حلها ومواجهتها حينما كنا نستطيع ساعة اليسر والرخاء. اقتصادي سعودي - بريطانيا. www.rubbian.com