أثار الاقتراح الذي أرسله الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الكونغرس في شأن الخفوضات الضريبية، تأييد فئات واسعة من الخبراء الاقتصاديين والمعنيين والمتابعين واعتراضهم. وتركز النقاش المشتعل حول اقتراح ترامب خفض الضرائب على الشركات بواقع 20 نقطة مئوية، من 35 إلى 15 في المئة. وتعود الضرائب المفروضة على الشركات الأميركية بنحو نصف تريليون دولار سنوياً على الخزينة الفيديرالية، أو ما يشكل 2.5 في المئة من الناتج المحلي. ويعتقد خبراء أن خفض 20 في المئة من هذه الضرائب، يؤدي إلى خسارة الخزينة نحو 200 مليون دولار سنوياً، أو ما يعادل واحداً في المئة من الناتج المحلي. وعلى مدى العقدين الماضيين، انهمك المسؤولون والخبراء الأميركيون في النقاش حول الفارق بين الجباية والإنفاق الفيديرالي، إذ تبلغ الجباية نحو 18 في المئة من الناتج المحلي، فيما يصل الإنفاق إلى 21 في المئة، بعجز سنوي في الموازنة نسبته 3 في المئة، وهو عجز مع تراكم السنوات، أدى إلى رفع الدَين العام إلى 20 تريليون دولار، أو ما يوازي 100 في المئة من الناتج المحلي. ورفض الزيادة في العجز السنوي وتالياً في الدَين العام، هي الحجة التي ساقها معارضو خفض الضرائب على الشركات، ليقابلهم المؤيدون معتبرين أن الخفض سيترافق مع إغلاق الثغرات في القانون الضريبي، ما يعود على الخزينة ب 150 بليون دولار سنوياً، أي ما يجعل العجز الإضافي، بعد تقليص الضرائب على الشركات نحو 350 بليون دولار سنوياً. ويتابع مؤيدو الخفض قائلين إن من شأن خفض الضرائب أن يرفع نسبة نمو الناتج المحلي، ما يعود على الخزينة الفيديرالية بمداخيل اضافية تتكفل بتعويض خسارة 350 بليون دولار سنوياً، عملاً ب «قانون لافر» الذي ينص على أن رفع الضرائب لا يفضي بالضرورة إلى عائدات إضافية على الخزينة، إذ هو يدفع المستثمرين إلى الإحجام عن الاستثمار، فينخفض النمو وتتراجع العائدات الضريبية الحكومية. فيما يؤدي خفضها إلى رفع النمو وتالياً العائدات الضريبية الحكومية. ويدعو مؤيدو الخفض إلى منح تقليص جانبي (13 في المئة) لمرة واحدة على كل أموال الشركات الأميركية المكدسة في مصارف عالمية، إذ تقل الضرائب على الشركات عن نظيرتها الأميركية. ويعتقد الخبراء أن في حوزة الشركات الأميركية نحو 3.5 تريليون دولار في مصارف الخارج، وأن إعادتها بضريبة منخفضة تعود على الخزينة بما بين 400 مليون دولار إلى 500 مليون، مع إمكان قيام هذه الشركات باستثمار أموالها في أميركا، ما يرفع نسبة النمو ويؤدي إلى إضافة وظائف. لكن المشككين بالوعود الزهرية للخفوضات الضريبية، يشيرون إلى أن الشركات الأميركية ستبحث دائماً عن مخابئ ضريبية أدنى من الحد الأدنى الأميركي، وحتى ضريبة ال15 في المئة في الولاياتالمتحدة لن تكون الأدنى في العالم، وهو ما سيبقي الاستثمارات في مخابئها. ولفت المشككون أيضاً إلى أن معدل الضرائب على الشركات في الاقتصادات المتطورة هو 23 في المئة، وأن لا حاجة للولايات المتحدة لخفضه إلى 15 في المئة. ويعتبر معارضو الخفض الضريبي أن اقتصادات الصناعية مثل ألمانيا، تحقق فائضاً في صادراتها، في وقت تبلغ ضريبتها على الشركات 30 في المئة. ويتابع المعارضون أن مقولة تكفّل الخفوضات الضريبية بتنشيط الاستثمارات قد لا تكون صحيحة، لأن المستثمرين غالباً ما يأخذون في الاعتبار عوامل أخرى، مثل سهولة إنجاز المعاملات الحكومية ونزاهة القضاء، وجودة البنية التحتية وتوافر الأدمغة واليد العاملة، وقرب المناطق الصناعية من مرافئ الاستيراد والتصدير ومصادر الطاقة. وتعاني الولاياتالمتحدة من ندرة في اليد العاملة المؤهلة، وفق الخبراء، ما يتطلب دعم الحكومة لبرامج تطوير المهارات للعمال، وليس خفض الضرائب لتنشيط رأس المال فحسب. يذكر أن القانون الأميركي لا يعامل المؤسسات كشركات ما لم يتخط عدد موظفيها ال50، أو إذا أرادت الشركة التسجيل في دوائر الدولة، ما يعني أن الأعمال الصغيرة مثل التي تملكها عائلات ذات دخل متوسط، لن تستفيد من الخفوضات الضريبية للشركات الكبرى، بل سيكون المطلوب في حالات الأعمال الصغيرة، تقليص ضريبة الدخل، وهو لا يشجع الاستثمار بل الاستهلاك، ويؤدي إلى ارتفاع في العجز التجاري، الذي كانت إدارة ترامب أعلنت أن تقليصه هو واحد من أولوياتها الاقتصادية.