باريس - أ ف ب - أطلق في فرنسا قبل ستين سنة ولا يزال رائجا حتى الآن: إنه قلم الحبر الجاف «بيك كريستال» الشفاف الذي يباع الملايين منه يومياً، وقد تحول رمزاً يُعرض في متحف الفن الحديث في نيويورك أو في مركز بومبيدو في باريس. ويقول المؤرخ المتخصص بالماركات والسلع جان واتان-اوغوار: «إنه اكثر من سلعة، انه اسطورة تروي تطور مجتمع». في البداية لم يكن الأمر سهلاً، ويوضح واتان-اوغوار أن «البارون بيك لم يكن مقتنعاً البتة» بالأمر. ويرى المؤرخ أن مخترع ماركة «بيك» كان يعتبر ان اقلام الحبر الجاف التي اخترعت «تفاهات تلطخ الملابس». إلا أن البارون سيتعمق في هذا المجال لاحقاً مشترياً براءة اختراع قلم حبر جاف صممه الهنغاري لازلو بيرو الذي لا يزال اسمه يطلق على اقلام الحبر الجاف في انكلترا. ويقول واتان-اوغوار: «قال البارون في نفسه ان الحبر الجاف هو بالنسبة الى الكتابة بأهمية اختراع الدولاب». بعد سنتين من الابحاث وضع سر نجاح اقلام «بيك كريستال»: وهو حبر مثالي وكرة صغيرة متكيفة كليا مع خزان الحبر. ومع أن البارون بيك لم يخترع مفهوم قلم الحبر الجاف، إلا أنه عدله الى حد لا يزال هذا المفهوم قائماً على ما يؤكد المؤرخ نفسه. ويستند هذا المفهوم الى توافر السلعة على صعيد السعر وسهولة الحصول عليها في ثلاثة ملايين نقطة بيع في العالم، وعلى صعيد النوعية والمتانة، إذ إن قلم الحبر الجاف من بيك يوفر كتابة على مسافة كيلومترين، اضافة الى طابعه العملي. ومع انه لم يكن مقتنعاً كلياً في البداية، أعجب الباورن بعد ذلك كثيراً بالفكرة فأطلق اسمه للمرة الاولى على احدى سلعه، وستحمل الشركة بمجملها بعد ذلك هذا الاسم. في مطلع العام 1951 صنعت اولى نماذج هذا القلم في مصنع قرب باريس، وبدأت توزع في فرنسا. وكان النجاح فورياً، وبيع عشرة آلاف قلم يومياً اعتباراً من السنة الاولى، على ما تؤكد الشركة. ودعماً لابتكاراتها التقنية والمريحة (مع تصميم سداسي الجوانب وشفاف) لهذا القلم ستطلق الشركة حملات إعلانية واسعة لضمان نجاحه. وفي رمز الى هذه الحملات، وضع مصمم اللوحات الاعلانية الشهير ريمون سافينيا العام 1960 شخصية التلميذ برأس في شكل كرة صغيرة ترمز الى قلم «بيك» الذي تحول رمزاً لكل منتجات هذه الماركة. وشكّل الأمر مفارقة في تلك الفترة، اذ ان استخدام قلم الحبر الجاف بقي محصوراً بتلاميذ المدارس حتى العام 1965. وسريعاً انطلق قلم الحبر الجاف ليغزو اسواقاً خارجية: بلجيكا في العام 1951، وايطاليا في 1954، والبرزايل في 1956، وبريطانيا وجنوب أفريقيا واوقيانيا في 1957، واميركا الشمالية في 1958. وتؤكد شركة «بيك» ان سلعتها الرئيسية توزع في اكثر من 160 دولة، حيث تباع عدة ملايين منها يومياً. ولا تزال الشركة الفرنسية تصنّع قلم «بيك كريستال» في مصانعها الخاصة عبر العالم بواسطة معدات صممتها شركة «بيك» أيضاً، وتنتج الشركة حبرها الخاص كذلك.