منذ إقرار تعديلات دستورية حوّلت النظام رئاسياً في تركيا، ما أتاح للرئيس رجب طيب أردوغان العودة عضواً فاعلاً في حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، ينتظر الجميع الخطوة التالية المرتبطة بإعادة تشكيل اللجنة العليا للقضاة وهيكلتها، والتي تخشى المعارضة أن تتحوّل تابعاً للحزب، وفق ما تسميه المعارضة «القضاء الحزبي». وينصّ التعديل الدستوري على وجوب حلّ الهيئة العليا للقضاة وتعيين هيئة جديدة من 13 قاضياً، يختار الرئيس 4 منهم، إضافة إلى وزير العدل ومستشاره اللذين يُعتبران عضوين أساسيين في الهيئة، ليبقى اختيار السبعة الباقين من البرلمان. ومع عودة أردوغان الى «العدالة والتنمية» واستعداده لتزعّم الحزب مجدداً في 21 الشهر الجاري، تشير المعارضة الى أنه سيختار، من خلال حزبه الممثل في البرلمان، بين اثنين وثلاثة قضاة من السبعة المتبقين، ليكون مجموع القضاة الذين اختارهم أردوغان 8 أو 9 من 13، وهذا ما يثير استياء المعارضة التي ترى أن هذه التركيبة ستكون موالية تماماً للرئيس. وكان النائب في «حزب الشعب الجمهوري» المعارض باريش ياركداش أعلن أن وزارة العدل عيّنت 900 قاض الشهر الماضي، لسدّ فراغ حدث بعد طرد مئات من القضاة الذين اعتبرت الحكومة أنهم من أنصار جماعة الداعية المعارض فتح الله غولن. وأضاف أن 800 من القضاة الجدد كانوا على علاقة مباشرة مع حزب «العدالة والتنمية»، إما من خلال توليهم ملفات للحزب سابقاً، وإما من خلال انتمائهم مباشرة اليه وعملهم داخل كوادره. وكشف أسماء 30 قاضياً جديداً كانوا على لائحة كوادر الحزب الحاكم وتولّوا مناصب تنفيذية فيه، بينهم محمد سعيد باموكجو الذي تولى سابقاً منصب مدير مكتب وزير العدل في حكومة «العدالة والتنمية». ولفت ياركداش الى أن كثيرين من الذين نالوا علامات مرتفعة في الاختبار التحريري، رُفض تعيينهم بعد المقابلة الشفهية مع لجنة من وزارة العدل. وتابع أن عدداً ضخماً من الذين عُيِنوا، على رغم ضعف علاماتهم في الاختبار التحريري، لم تتجاوز مقابلتهم الشفهية 10 ثوان، مشيراً إلى أن لوائح التعيينات للقضاة روجعت في قصر الرئاسة. وطالب بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية، لكشف ملابسات التعيينات الجديدة في القضاء. ويأتي ذلك في وقت رفع «حزب الشعب الجمهوري» دعوى ضد 10 من 11 قاضياً في الهيئة العليا للانتخابات، وافقوا على قبول بطاقات اقتراع غير مختومة، أثارت جدلاً حاداً بعد الاستفتاء الذي نُظم على النظام الرئاسي. وقال رئيس الحزب كمال كيليجدارأوغلو: «يمكن أن تكون هناك سياسة مزدوجة المعايير، أو رأي طبي يخالف الأعراف، ولكن لا يمكن أن يكون هناك اجتهاد قضائي يخالف نصاً صريحاً في القانون والدستور». وأشار إلى تعمّد القضاة تجاوز القانون الذي يمنع في شكل قاطع قبول أي بطاقة اقتراع غير مختومة.