تجاهل 46 شخصاً تحذيرات المديرية العامة للدفاع المدني بالابتعاد عن بطون الأودية أثناء هطول الأمطار التي شهدتها مناطق عدة في المملكة خلال الأيام الماضية، ما أدى إلى وفاة شخص وإنقاذ 40 آخرين، فيما يتواصل البحث عن خمسة آخرين ما زالوا مفقودين. وشددت المديرية في نشرات يومية أصدرتها عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، على أخذ الحيطة والحذر، والابتعاد عن بطون الأودية ومجاري السيول مع بدء موسم الأمطار، إلا أن مغامرين يصرون على زيارة أماكن خطرة قد تودي بحياتهم وحياة الآخرين. وباشرت فرق الدفاع المدني في محافظة العارضة في منطقة جازان (الأحد) الماضي، حادثة انجراف سيارة تحمل شخصين، تم إنقاذ أحدهما وانجراف الآخر في وادي الشارة، ووجد متوفى. فيما أنهت مديرية الدفاع المدني في محافظة الليث في منطقة مكةالمكرمة مطلع الأسبوع الماضي، بمشاركة طيران الأمن، احتجاز سبعة أشخاص جرفهم السيل في وادي الروضة، وتم إنقاذ أربعة آخرين بعد أن جرف السيل مركبتهم في وادي غميقة، ولا يزال البحث جارياً عن مركبتين مفقودتين كان على متنهما خمسة أشخاص. وأنقذت فرق الدفاع المدني في محافظة بيشة الأربعاء الماضي 14 شخصاً وسبع مركبات، إثر الأمطار الغزيرة التي هطلت على المحافظة، وباشرت احتجاز ثلاث مركبات أخرى على متنها خمسة أشخاص، تم إخراجهم بحال جيدة. وفي قرية صدر الباقرة في المحافظة نفسها، أخرجت فرق الدفاع المدني ثلاث مركبات احتجز داخلها تسعة أشخاص وسط السيول. وأصدر حساب الدفاع المدني على موقع التواصل «تويتر» نشرات تحذيرية يومية منذ بدء موسم الأمطار، تدعو جميع المواطنين والمقيمين إلى «توخي الحيطة والحذر، خصوصاً في موسم الشتاء الذي ينشط فيه هطول الأمطار وحدوث السيول والفيضانات». وشددت المديرية على «عدم المجازفة ودخول مناطق منخفضة، أو عبور الأودية أثناء جريان السيول، والأخذ في الاعتبار أن بعض المناطق الطينية المبللة بالماء أو المغمورة بالسيول تعتبر مناطق لزجة خطرة تلتصق بشدة في الأقدام أو في إطارات السيارات، ولا يستطيع الإنسان التخلص منها بسهولة». إلا أن الأمر لا يقتصر على التحذيرات التي لا يبدو أنها أوقفت تهور البعض، إذ سيعيد مجلس الشورى مناقشة مقترح معاقبة المغامرين في السيول والكوارث، الذي قدمه عضو المجلس السابق الدكتور حامد الشراري، مقترحاً إضافة مادة جديدة لنظام الدفاع المدني في شأن معاقبة المتهورين من الشباب والأسر في مواسم الظروف المناخية القاسية، الذي كان من المقرر مناقشته أواخر شهر محرم الماضي، بعد تأجيله عامين. ويستهدف المقترح معاقبة المستهترين والمغامرين بأرواحهم وأرواح الآخرين في حال الفيضانات والسيول والحرائق والعواصف وأمواج البحار، وكذلك صعود الأماكن الخطرة، ومنها الجبال الوعرة أو شديدة الانحدار، أو النزول إلى الحفر العميقة والجسور العملاقة والمباني العالية، والغوص من دون إذن مسبق، أو عدم الحصول على الرخص لممارسة هوايات رياضية معينة من الجهات ذات العلاقة، إضافة إلى التهور في قيادة المركبات. وتستغرق عمليات إنقاذ الغارقين في السيول جهوداً كبيرة من فرق الدفاع المدني في مناطق المملكة، وأنقذت الفرق شباناً «متهورين» أقدموا على مغامرات «طائشة» في مجاري السيول، دفع بعضهم حياته ثمناً لها، لإثبات شجاعتهم في تحدي المياه الجارفة، وتصوير الموقف وتداول التسجيل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما أدى إلى حالات فقدان ووفاة كثير منهم. ويعج موقع «يوتيوب» بعشرات المقاطع المصورة لشبان يتسابقون بسياراتهم داخل مجاري السيول، وخصوصاً عندما تشتد حدتها. وفي أحد هذه المقاطع يقتحم شاب سيلاً جارفاً بسيارته، وبمجرد دخولها مجرى السيل تنقلب بعد ثوانٍ قليلة، إضافة إلى فيديو آخر يظهر أطفالاً صغاراً يسبحون في مجاري سيول في غفلة من ذويهم. وعزا اختصاصيون في الطب النفسي وعلم الاجتماع إقدام بعض الأفراد على عبور الأودية والسيول وتعريض أنفسهم إلى الأذى، إلى «نقص الإحساس بالمسؤولية، وحب المغامرة والظهور». وكشف مسؤولون في «الدفاع المدني» أن معظم الوفيات في مواسم السيول لم تكن نتيجة دهم المياه المنازل أو الغرق فيها، وإنما بسبب محاولات عبور الأودية والسيول بالسيارات، أو السقوط في الأودية.