أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انفتاح موسكو على الحوار مع الغرب، وشدد على أن بلاده «لا تتدخل في العمليات السياسية الجارية في بلدان أوروبا». وقال بالتالي إن روسيا «لا ترغب في أي تدخل خارجي في شؤونها الداخلية». أتى ذلك خلال محادثات أجراها بوتين في منتجع سوتشي على البحر الأسود أمس، مع المستشارة الألمانية أنغيلا مركل التي عكست زيارتها الأولى روسيا منذ عامين رغبةَ الطرفين في تجاوز مرحلة الفتور في العلاقات. وعلى رغم أن أجندة اللقاء كانت واسعة وشملت رزمة من الملفات التي برزت فيها تباينات خلال الفترة الماضية، وخصوصاً الأزمة الأوكرانية والموقف من سورية، فإن الزعيمين ركزا خلال مؤتمر صحافي مشترك في ختام محادثاتهما، على الرغبة في تعميق الحوار الثنائي. وبدا أن الاهتمام الأكبر انصب على سورية وأوكرانيا. وجدد الرئيس الروسي موقف بلاده حيال سبل التسوية في سورية، وقال إن «الطرف الوحيد الذي يملك تأثيراً في الرئيس السوري بشار الأسد هو الشعب السوري». وأكد بوتين موقف موسكو الداعي إلى إجراء «تحقيق شامل في مزاعم استخدام الأسلحة الكيماوية في خان شيخون»، مشيراً إلى ضرورة «معاقبة الجناة»، ومعتبراً أن «ذلك ممكن فقط بعد تحقيق واسع ودقيق». وقال إنه تبادل مع مركل الآراء حول الوضع في سورية، وزاد: «أيدنا تفعيل عملية المفاوضات في مسارَي أستانة وجنيف. ونحن واثقان من أن حل المسألة السورية يمكن إيجاده فقط عبر طريق السلام وتحت رعاية الأممالمتحدة». ولفت إلى ضرورة تعزيز اتفاق وقف النار في سورية، مؤكداً أن مفاوضات أستانة هي السبيل لضمان تطبيق الاتفاق. واعترف بوتين بأن الشعب السوري «منقسم في شكل واضح، ونرى داخل المجتمع السوري مشكلات كبيرة ويجب توفير الظروف المواتية لاستعادة وحدته، وتمكين الأطراف المتنازعة من التعامل بعضها مع بعض». وأقر بوتين باستحالة إيجاد حل فعال للقضية السورية من دون مساهمة أميركية. وزاد أن موسكو «على اتصال بالشركاء الأميركيين وسنواصل الاتصالات معهم». وفي الملف الأوكراني، شدد بوتين على أن موسكووبرلين تواصلان العمل لتنفيذ اتفاقات مينسك، وتدعوان إلى الالتزام الصارم بالاتفاق حول وقف النار. واعتبر أن حادثة تفجير سيارة منظمة الأمن والتعاون الأوروبي، والتي أدت إلى مقتل أحد عناصر قوات المراقبة الأوروبية في شرق أوكرانيا أخيراً، هدفت إلى الإضرار بجهود تسوية الصراع ودفع الأمور نحو التصعيد، مؤكداً ضرورة إجراء تحقيق محايد في الهجوم. وسعى بوتين إلى تهدئة مخاوف الغرب، مشدداً على أن «لا أحد يريد فصل أقاليم الشرق عن أوكرانيا»، واعتبر أن «ما يحصل سببه حصار السلطات الأوكرانية إقليمي لوغانسك ودونيتسك، ولم يفرض أحد على الجمهوريتين المستقلتين عدم استخدام العملة الأوكرانية». وفي الشأن الداخلي الروسي، رفض بوتين الانتقادات الغربية لتعامل السلطات الروسية مع احتجاجات أخيراً، مؤكداً أن السلطات «تعمل وفق القانون وفي شكل أفضل مما يتم في الاتحاد الأوروبي». وقال بوتين إن موسكو منفتحة على الحوار، وهي «لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ولا ترغب في أن يتدخل أحد في شؤونها». في المقابل، وصفت مركل المحادثات بأنها كانت مكثفة، ووصفت روسيا ب «شريك بناء»، وأكدت أن برلين ستساهم بكل ما في وسعها بتعزيز نظام الهدنة في سورية. وأبدت المستشارة الألمانية استعداد بلادها للتعاون مع موسكو في ملف مكافحة الإرهاب، ودفع جهود التسوية في سورية. لكنها ربطت رفع العقوبات الغربية على روسيا ب «التنفيذ الكامل لاتفاقات مينسك». وشدد الطرفان على رغبتهما في تعزيز الحوار وزيادة التنسيق خلال المرحلة المقبلة، في إطار التحضير ل «قمة ال20» المقررة في هامبورغ في تموز (يوليو) المقبل. ويجري بوتين في سوتشي اليوم، محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ينتظر أن تركز على الشأن السوري، وأن يسعى الجانبان خلالها إلى تجاوز ملفات خلافية برزت بعد اللقاء الأخير الذي جمعهما في آذار (مارس) الماضي.