تحرص القوى السياسية اللبنانية المعنية بالتوصل إلى قانون انتخاب على ضرورة الإفادة من الوقت المتبقي لدعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري البرلمان إلى الانعقاد في 15 أيار (مايو) المقبل لإيجاد صيغة توافقية تدفع إلى إنتاج قانون جديد، وهذا ما تم التفاهم عليه بين رئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل خلال اجتماعهما في حضور وزير التربية مروان حمادة والنائب غازي العريضي وتيمور وليد جنبلاط. وفي هذا السياق عقد بعد ظهر امس في مبنى وزارة الخارجية اجتماع خماسي هو الأول من نوعه ضم: باسيل، العريضي، مدير مكتب الرئيس سعد الحريري، نادر الحريري، المعاون السياسي للأمين العام ل «حزب الله» حسين الخليل، نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان، والنائبين إبراهيم كنعان وألان عون. وعلقت مصادر مطلعة على هذا الاجتماع بالقول: «إن توسيع المشاركة من الأطراف المعنية للمرة الأولى، بانضمام القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي إلى اللجنة الرباعية التي كانت تلتئم سابقاً، جاء نتيجة القناعة بوجوب تسريع الخطى للبحث في قانون الانتخاب قبل جلسة مجلس الوزراء الأسبوع المقبل». وكان الرئيس الحريري نقل أجواء إيجابية إلى رئيس الجمهورية ميشال عون أول من أمس عن اقتراح الرئيس نبيه بري قبل يومين، بانتخاب المجلس النيابي على النسبية الكاملة في 6 دوائر وانتخاب مجلس شيوخ على أساس طائفي. وناقش المشروع مع عون. وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة» إن الحريري بعد لقائه عون التقى وزير المال علي حسن خليل وطلب منه نقل استعدادات إيجابية لدى رئيس الجمهورية إلى بري للبحث في مشروعه. وذكرت المصادر انه بعد هذه التطورات سربت معلومات مختلفة عما نقله الحريري عن موقف عون من أوساط باسيل، ما دفع أوساط بري إلى إبلاغ المعنيين بأنه قدم مشروعه ليدرسه الآخرون ويعطوا الجواب النهائي، فكان الاجتماع الخماسي الذي عقد في الخارجية. وعلمت «الحياة» من مصادر وزارية ونيابية أن الاجتماع الخماسي جاء بعد مروحة الاتصالات التي قام بها الحزب «التقدمي الاشتراكي» وشملت رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع لدى استقباله النائبين أكرم شهيب ووائل أبو فاعور، والتي تزامنت مع مواصلة رئيس الحكومة سعد الحريري لقاءاته ومشاوراته، قادت إلى قناعة ثابتة بأنه لم يعد من مكان لنظام التأهيل في المشاريع الانتخابية المطروحة، وأن سحبه من التداول بات حتمياً كأساس للوصول إلى مخرج، لا يعيد الحرارة للاتصالات فحسب، وإنما للبحث عن بديل للتأهيلي. ولفتت المصادر إلى أن زيارة باسيل لجنبلاط تقررت بعد اجتماع عقد الأسبوع الماضي بين الأول والعريضي، وقالت إنهما عقدا جلسة مطولة أبدى فيها باسيل رغبته في لقاء رئيس «التقدمي». وقالت المصادر إن باسيل لمس اعتراضاً شديداً من جنبلاط على التأهيلي يتلاقى مع رفض بري وقوى أخرى له، إضافة إلى «القوات» الذي أدرج مجموعة من الملاحظات عليه. وكشفت أن النقاش بين جنبلاط وباسيل في التأهيلي استغرق دقائق، لأن المواقف منه باتت معروفة وغير قابلة للتعديل أو التغيير. وأضافت أن رفض جنبلاط التأهيلي فتح الباب أمام ضرورة البحث عن مشاريع أخرى، خصوصاً أن «التقدمي» عندما طرح مشروعه الذي يجمع بين النظامين الأكثري والنسبي وينطلق من المختلط هدف إلى تفصيل المشاورات وصولاً إلى قواسم مشتركة. ورأت أن هذا اللقاء تميز برغبة مشتركة في تكثيف التواصل بين «التيار الوطني» و «التقدمي» وضرورة تضافر جهود جميع الأطراف لإنتاج قانون جديد. وقالت إن المصارحة بينهما كانت حاضرة في العمق من خلال تبادل وجهات النظر حول عدد من القضايا، وأن الاختلاف لا يبرر توتير الأجواء لما له من انعكاسات على عدد من المناطق في الجبل. وعن موقف «التقدمي» من المشاريع المطروحة، قالت المصادر إن «التقدمي» يؤيد المختلط، لكنه يتصرف بواقعية، بحثاً عن أي مشروع آخر يمكن أن يرى النور ويخرج البلد من التجاذبات السياسية. وتردد أن جنبلاط وباسيل توافقا على توسيع حركة الاتصالات والمشاورات وأن لا مانع لدى «التقدمي» من تحضير الأجواء لإشراك الجميع في هذه الاتصالات لئلا يصيبها ما أصاب «اللجنة الرباعية» التي علقت اجتماعاتها واستعيض عنها بلجنة وزارية لم تعقد سوى اجتماع يتيم. وعن لقاء جعجع مع شهيب وأبو فاعور في حضور الأمينة العامة لحزب «القوات» شانتال سركيس، علمت «الحياة» من مصادر مواكبة أن الطرفين سجلا عتبهما على الطريقة التي اتبعت حتى الآن في إدارة ملف قانون الانتخاب. وأكدت المصادر أن الطرفين طرحا إمكان العودة إلى قانون المختلط الذي كان توصل إليه «القوات» و«اللقاء الديموقراطي» و«تيار المستقبل»، من دون أن يعني أنهما يقفلان الباب في وجه مشاريع أخرى، شرط أن تتضمن تسويقها لدى الأطراف الأساسية المعنية بالقانون باعتبار أن هناك ضرورة للانفتاح. ورداً على سؤال، أوضحت المصادر أن استحداث مجلس شيوخ انسجاماً مع ما نص عليه اتفاق الطائف طرح في معرض تبادل الآراء من زاوية السعي إلى إنضاج الظروف وتهيئة الأجواء.