قال الرئيس التنفيذي ل «أرامكو السعودية» أمين الناصر أمس إن سوق النفط تتحرك نحو استعادة التوازن بين العرض والطلب، مدعومة بالاتفاق المبرم بين «أوبك» ومنتجين خارجها على خفض الإنتاج. وأشار الناصر خلال مؤتمر في باريس إلى أن «السوق تتحرك صوب استعادة التوازن (...) أرى سوق النفط تشير صوب الصعود وأتوقع أن تواصل التحسن». وأضاف في إشارة إلى التخفيضات التي تقودها «أوبك»، أن «عودة الثقة هذه مدفوعة بتحسن العوامل الأساسية ويسرعها اتفاق الإنتاج الذي تم التوصل إليه العام الماضي.» وعلى رغم تقلب أسعار النفط في الأمد القصير، قال الناصر إن المخزونات العائمة سجّلت انخفاضاً سريعاً في الربع الأول من هذا العام. وانخفضت أسعار النفط أمس بسبب مخاوف مرتبطة بتخمة المعروض في الأسواق العالمية، لكنّ المتعاملين قالوا إن الأسعار لقيت دعماً على ما يبدو حول المعدلات الحالية. وذكر الناصر أن قطاع النفط يحتاج لمواصلة ضخ استثمارات طويلة الأجل، على رغم تقلبات الأسعار في الأمد القصير، مؤكداً أن «هناك حاجة إلى تطوير طاقة إنتاجية للنفط تقدر بواقع 30 مليون برميل يومياً على مدى السنوات الخمس المقبلة فقط (...) والمشاريع الاستثمارية الصغيرة القصيرة الأمد ذات رأس المال المنخفض لن تتيح تحقيق ذلك»، مشيراً إلى أن نقص الاستثمار بسبب الأسعار يهدد أمن الطاقة العالمي. وتمّ إلغاء أو تأجيل مشاريع نفط بقيمة تزيد على تريليون دولار منذ منتصف 2014، حين هبطت أسعار النفط من فوق 100 دولار للبرميل. وقال الناصر إن النفط سيضطلع بدور رئيس في تلبية الطلب العالمي على الطاقة في المستقبل، مؤكداً أن «النتيجة واضحة: الطلب على النفط سيواصل النمو (...) وبمستويات جيدة نوعاً ما، في المستقبل المنظور». إلى ذلك، قال الأمين العام لمنظمة «أوبك» محمد باركيندو إن تخمة مخزونات النفط العالمية تتقلص، لكن المخزونات ما زالت في حاجة إلى الانخفاض أكثر صوب متوسط خمس سنوات، مضيفاً أن «على الرغم من أن السوق تتجه نحو التوازن كما هو واضح والاستثمارات تعود ولا سيما في المشاريع السريعة، فمن المهم ألا نحيد عن أهدافنا المرجوة. نريد رؤية العودة للاستثمارات الطويلة الأمد». وأكد كلّ من وزير النفط العراقي جبار اللعيبي ووزير النفط الأنغولي جوزيه ماريا بوتيلو دي فاسكونسيلوس، التزام بلادهما بما سيسفر عنه إجماع الآراء عندما تعقد «أوبك» اجتماعها في فيينا الشهر المقبل. وأضاف اللعيبي أن العراق، ثاني أكبر منتج في «أوبك»، ملتزم التزاماً كاملاً باتفاق خفض المعروض الذي تقوده المنظمة، في حين توقع دي فاسكونسيلوس تمديد الاتفاق. إيرانياً، قال نائب وزير النفط للمؤتمر ركن الدين جوادي، إن إيران تتوقع توقيع أول اتفاقاتها النفطية تحت نموذج عقد البترول الجديد في غضون شهر. وعلى رغم التلميحات التي توحي بتمديد الاتفاق وتحسن الأسواق، إلا أن إنتاج النفط الصخري الأميركي يرخي ظلاله على الأسواق. وقال مؤسس شركة «ريشتاد إنرجي» لاستشارات النفط والغاز إن إنتاج النفط الصخري في الولاياتالمتحدة يزيد بوتيرة أسرع من المتوقع، ويزيد حصته من السوق العالمية، ما يعزز أخطار نشوب «حرب إمدادات» مع «أوبك» ودفع أسعار النفط إلى الانخفاض. وتتوقع الشركة أن يزيد إنتاج النفط الصخري الأميركي 100 ألف برميل يومياً كل شهر حتى نهاية العام وفي 2018 إذا تماسكت أسعار النفط قرب 50 إلى 55 دولاراً للبرميل، وهو ما يزيد كثيراً عن تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية لزيادة نحو 29 ألف برميل يومياً في 2017 و57 ألف برميل يومياً في 2018. إلى ذلك، أشارت وكالة الطاقة الدولية أمس إلى أن اكتشافات النفط العالمية تراجعت إلى مستوى قياسي منخفض في 2016، في الوقت الذي تقلص فيه الشركات الإنفاق وأعداد مشروعات النفط التقليدية التي تمّت الموافقة عليها إلى أدنى مستوى في أكثر من 70 عاماً، محذرة من أن الاتجاهين قد يستمران هذا العام. وأكدت الوكالة أن اكتشافات النفط هبطت إلى 2.4 بليون برميل في 2016 مقارنة بالمتوسط البالغ تسعة بلايين برميل سنوياً، على مدى الخمسة عشر عاماً الماضية. وأشارت الوكالة إلى أن «حجم الموارد التقليدية التي تمت الموافقة على تطويرها في العام الماضي هبط 30 في المئة عن العام السابق إلى 4.7 بليون برميل، مع انخفاض عدد المشاريع التي تلقت قراراً استثمارياً نهائياً إلى أدنى مستوى منذ الأربعينيات.» وأوضحت أن التباطؤ الحاد في نشاط قطاع النفط التقليدي جاء نتيجة لانخفاض الاستثمارات بفعل تراجع أسعار النفط، مضيفة أن هذا سبب آخر للمخاوف في شأن أمن الطاقة في وقت تتصاعد فيه الأخطار الجيوسياسية ببعض الدول الرئيسية المنتجة مثل فنزويلا. وأعلنت شركة النفط والغاز الفرنسية العملاقة «توتال» عن صافي ربح فاق التوقعات للربع الأول من العام بفضل تعافي أسعار الخام، ما سمح لها بالموافقة على أول مشروع رئيس لها منذ 2014، مشيرة إلى أنها تدرس المشاركة في طرح «أرامكو السعودية». وارتفع صافي الربح 56 في المئة إلى 2.6 بليون دولار، مقارنة بالفترة ذاتها من 2016، مع ارتفاع أسعار خام برنت 58 في المئة في المتوسط خلال الفترة. وقال الرئيس التنفيذي للشركة باتريك بوياني إن «قوة الموازنة العمومية والسعي الحثيث لخفض الكلفة يسمحان للمجموعة بإطلاق مشاريع جديدة والاستحواذ على موارد، مع الاستفادة الكاملة من انكماش الأسعار الحاصل في قطاع النفط». وأضاف أن الشركة قد تدرس شراء حصة في الإدراج المزمع لجزء من «أرامكو السعودية»، مشيراً إلى أن الأمر سابق لأوانه لأن السوق ما زالت تنتظر تفاصيل كيفية إجراء الطرح العام الأولي، لكنه أضاف أنها قد تصبح شراكة مهمة بالنسبة للشركة في السعودية. وانخفضت العقود الآجلة لخام «برنت» 47 سنتاً إلى 51.35 دولار للبرميل بعد المؤتمر. وانخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 25 سنتاً بما يعادل 0.5 في المئة عن التسوية السابقة لتسجل 49.37 دولار للبرميل.