أكدت موسكووالرياض سعيهما الى تقريب وجهات النظر وتعزيز التعاون الثنائي. وعلى رغم بروز تباينات واسعة في المواقف حيال الشأن السوري، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف «عدم وجود خلافات غير قابلة للتجاوز». وقال نظيره السعودي عادل الجبير إن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز قبِل دعوة الرئيس فلاديمير بوتين لزيارة روسيا، في إشارة إلى تقدم الحوارات بين البلدين. وعقد الوزيران جلسة محادثات مطولة، أكدا في ختامها خلال مؤتمر صحافي مشترك، «تطابق المبادئ السياسية للبلدين». ولفت الجبير إلى أهمية مواصلة الحوار في مختلف المجالات. وزاد أن القيادة الروسية وجهت دعوة رسمية إلى خادم الحرمين الشريفين و «تم قبول الدعوة ويتم العمل على تحديد مواعيد الزيارة». وظهر توافق على دعم مفاوضات آستانة وخلاف على مصير الأسد. وركز لافروف على قدرة الطرفين على تجاوز الخلافات البارزة في الشأن السوري، لافتاً إلى أن موسكووالرياض تشاركان في المجموعة الدولية لدعم التسوية في سورية التي وضعت أسساً للتسوية. وقال إن «السعودية وروسيا كانتا من البلدان التي ساهمت في وضع القرار الدولي الرقم 2254 الذي يتضمن مبادئ التسوية السورية، بما في ذلك الحق الحصري للشعب السوري في إقرار مصير بلاده». وزاد: «أمامنا عمل ضخم يجب القيام به تحت رعاية الأممالمتحدة، كما يجب خلاله التأثير في أطراف النزاع السوري من جانب اللاعبين الخارجيين من أجل تشجيعهم على العمل في شكل بناء للبحث عن مقاربات مشتركة في شأن مستقبل البلاد». وأكد الوزير الروسي تطابق مواقف روسيا والسعودية من خطر الإرهاب الدولي، لا سيما تهديدات تنظيم «داعش»، مشيراً إلى أن الخطر الإرهابي «يهدد في شكل مباشر دول المنطقة وأمن كل من السعودية وروسيا». وردًا على سؤال عن نقاط الخلاف بين الجانبين في شأن الأزمة السورية قال لافروف: «لا يمكنني أن أقول إن هناك خلافات لا يمكن تجاوزها في شأن التسوية السورية». وأوضح وزير الخارجية السعودي أن العلاقات السياسية بين الرياضوموسكو «تعتمد مبادئ مشتركة، تقوم على احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤون الآخرين، واحترام القوانين الدولية، وعدم فرض قيم على المجتمعات، واحترام الحضارات». واعتبر أن «هذه المبادئ التي تحرص عليها قيادة البلدين تشكل نقطة انطلاق قوية للتعاون بين الطرفين». وزاد أنه بحث مع نظيره الروسي الشأن السوري، و»أكدنا اهمية أن نحافظ على وحدة سورية وإيجاد حل سياسي على أساس بيان جنيف وقرار مجلس الأمن 2254». وعلى رغم تأكيد الطرفين الرغبة في مواصلة الحوار وتقريب المواقف حيال الملفات الخلافية برز التباين واسعاً، خصوصاً في ملفي الكيماوي السوري والوضع المتعلق بمصير الرئيس السوري بشار الأسد. وأكد الجبير: «لا نعتقد بأن لبشار الأسد أي دور في مستقبل سورية. نعتقد بأنه مسؤول بقدر كبير عن قتل أكثر من نصف مليون مواطن سوري وتشريد أكثر من 12 مليون شخص». وتطرق الى مسار آستانة، مشيراً الى أن «الجانب السعودي يعمل مع المعارضة السورية من أجل تثبيت وقف النار، والتوصل إلى اتفاق في شأن وقف الأعمال القتالية وإيصال المساعدات والبدء بالعملية السياسية على أساس إعلان جنيف1 والقرار الدولي الرقم 2254». ونبه الى «خروقات لوقف النار من جانب القوات النظامية، ما أدى الى عدم نجاحه في الماضي. ونستطيع بعد اجتماع آستانة أن نصل إلى وقف نار على أن يكون جدياً ويفتح المجال للمساعدات الإنسانية». لكن الجبير شكك في الوقت ذاته، بجدوى انضمام أعضاء جدد لعملية التفاوض في آستانة. وقال إنها «مفاوضات تقنية، وتوسيع عدد المشاركين قد يحولهم مجموعة أضعف مما يفترض، وسيكون بالتالي تركيز التفاوض أقل من المطلوب». وفي الملف الكيماوي أكد دعم السعودية إجراء تحقيق واسع ونزيه، لكنه شدد على أن «النظام انتهك الاتفاقات الدولية التي وقعها عام 2013»، وأكد ضرورة أن «يثبت النظام أنه لم يعد يملك ترسانة كيماوية». في المقابل، جدد لافروف تأكيد موقف بلاده حيال مسألة التحقيق الدولي بمشاركة واسعة، واتهم اطرافاً بأنها تعرقل إجراء التحقيق. وجدد الإشارة الى «استعداد الحكومة السورية لاستقبال لجنة تحقيق وتسهيل وصولها الى الشعيرات وخان شيخون من خلال التزام وقف النار لتوفير ظروف آمنة لعملها». وتجنب لافروف الإشارة في شكل مباشر الى موضوع الأسد، لكن اللافت أن الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أطلق تصريحاً تزامن مع المحادثات، أكد فيه أن «الرئيس فلاديمير بوتين لم يبدل موقفه حيال موضوع الأسد، ومصير الرئيس السوري يقرره السوريون» وزاد أن «بوتين ليس محامياً عن الأسد، لكنه يدافع عن القانون الدولي».