أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده «ستتخذ خطوات محددة» لدفع مسار المفاوضات في جنيف، مشدداً على ضرورة أن يكون «تمثيل المعارضة واسعاً وشاملاً» في جولة المفاوضات المقبلة، في حين شددت طهران التي استقبلت موفداً خاصاً من الرئيس فلاديمير بوتين، على ضرورة استمرار العمل العسكري ضد الجماعات التي «ترفض إلقاء السلاح»، وسط معلومات عن رفض إيراني لاقتراح موسكو تطبيق النظام الفيديرالي في سورية. وبالتوازي مع جولة الحوار «التقني» التي جمعت ممثلين عن روسياوتركياوإيران في آستانة مجدداً بهدف بحث «خطوات تقنية لدعم وقف إطلاق النار وتوفير آليات عملية لضمان عدم وقوع انتهاكات»، صعّدت موسكو لهجتها حيال السجالات الدائرة حول تمثيل المعارضة في وفد موحد في مفاوضات جنيف المقبلة. وأكد لافروف أن بلاده تؤيد استئناف المفاوضات السورية — السورية برعاية المبعوث الخاص للأمم المتحدة، ستيفان دي ميستورا. و «نعتقد بأن إطارها يجب أن يكون واسع التمثيل وشاملاً، كما نص قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 2254». ولفت الوزير الروسي إلى أن موسكو «تتخذ خطوات محددة لمساعدة عملية جنيف، التي أعطت مفاوضات آستانة زخماً إضافياً لها». معرباً عن ارتياح روسيا لنتائج جولة مفاوضات آستانة التي وصفها بأنها «شكّلت خطوة نوعية جديدة في رفد جهود التسوية السورية». وقال إن ما ميّز مفاوضات آستانة «جلوس ممثلي الحكومة والمعارضة المسلحة السوريين للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع السوري إلى طاولة واحدة، بعد رفض طويل وتام للمعارضة لفتح أي اتصال مع الحكومة ومقاطعة جميع العمليات المرتبطة بالتفاوض حول مستقبل سورية». وأشار إلى أنه «على رغم تمسك الطرفين السوريين بمواقفهما المعروفة، إلا أنهما أبديا استعدادهما للحوار عبر الوسطاء أولاً، وللاتصالات المباشرة كما يأمل الجميع لاحقاً». وشدد لافروف مجدداً على أهمية البيان الختامي لمفاوضات آستانة الذي شدد على التمسك بسيادة واستقلال سورية ووحدة أراضيها وبكونها بلداً ديموقراطياً متعدد الطوائف والإثنيات لا يقبل التقسيم الديني. وقال إن في مقدمة النقاط المهمة التي نص عليها البيان، تشديده على استحالة التسوية السورية بقوة السلاح، واندراجها ضمن الأطر السياسية حصراً، مع الالتزام بالتطبيق التام لقرار مجلس الأمن الرقم 2254. إلى ذلك، أعلنت موسكو أمس أن ألكسندر لافرينتيف، مبعوث الرئيس الروسي الخاص لشؤون التسوية السورية، زار طهران في إطار المشاورات التي تجريها روسيا لتثبيت الهدنة ودفع جولة المفاوضات المقبلة. ونقلت وكالة «تاس» الرسمية الروسية، أن محادثات لافرينتيف مع أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، تتناول نتائج مفاوضات آستانة، وخطة العمل المشترك في مجال السياسة والأمن. وينتظر أن يُطلع لافرينتيف الجانب الإيراني خلال الزيارة على «وجهة نظر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ما يخص المشاكل الراهنة في المنطقة»، بالإضافة إلى ذلك، سيتطرق إلى التعاون الثنائي في مجال مكافحة الإرهاب وتجاوز الأزمة السورية. ولم تستبعد أوساط ديبلوماسية أن تكون الزيارة جزءاً من مساعي روسيا لممارسة تأثير في الجانب الإيراني لضمان «أوسع تنفيذ ممكن للهدنة والاتفاقات التي تم التوصل إليها». وفي طهران، قال شمخاني على هامش استقباله لافرينتيف أمس، إن السلام في سورية لا يمكن أن يتحقق في ظل وجود تنظيم «داعش» و «جبهة النصرة والجماعات المرتبطة بها». واعتبر أن أهداف اجتماع آستانة تحققت كلها، مضيفاً أن التعاون بين إيرانوروسيا كفيل ب «تثبيت النجاحات الميدانية والمبادرات السياسية» التي تقدمت بها الدول الراعية للهدنة وهي تركياوروسياوإيران. وشدد شمخاني على التزام بلاده بمتابعة الحل السياسي لإنهاء الأزمة السورية، مؤكداً «أن العمل العسكري سيكون مؤثراً لمواجهة الفصائل التي ترفض إلقاء السلاح». وفي شأن القلق الذي أبداه بعض الدول حيال المبادرة الإيرانية- الروسية- التركية المشتركة لإنهاء الأزمة السورية، اعتبر شمخاني أن هذا القلق لا يعود إلى حرصهم على الشعب السوري بقدر ما هو يشير إلى ضعف الفصائل «وتستطيع هذه الدول لعب دور بناء في مستقبل المنطقة السياسي في حال تغيير السلوك»، واصفاً المبادرة السياسية الثلاثية في اجتماع آستانة بأنها «أسلوب ناجح يمكن تعميمه باعتباره نموذجاً لإنهاء الأزمات في المنطقة». أما لافرينتيف فرأى أن التعاون الميداني بين إيرانوروسيا وسورية سيستمر ضد الفصائل التي لا تلتزم بالحل السياسي، مضيفاً أن الحوارات السياسية لن تخل بمسيرة «مكافحة الإرهابيين المسلحين». وتحدثت أوساط سياسية إيرانية عن قلق في طهران حيال «النظام الفيديرالي» الذي اقترحته روسيا لسورية، معتبرة ذلك مقدمة لإمكان تقسيم سورية «ولا داعي لطرحه في الوقت الحاضر». وفي هذا الإطار، قال محمد علي مهتدي، مستشار «مركز الدراسات الاستراتيجية» في طهران، إن الفيديرالية هي «محاولة لجمع الأجزاء المقسمة» لكنها «غير نافعة لدولة ذات سيادة تخوض حرباً منذ خمس سنوات لمواجهة حالات تقسيمية انفصالية»، مشيراً إلى أن إيران ترفض الفيديرالية إذا كانت مقدمة لتقسيم سورية. على صعيد آخر، نفت وزارة الدفاع الروسية أمس، صحة أنباء ترددت حول مقتل 5 عسكريين روس على الطريق الواصل بين مدينتي بانياس وجبلة في غرب سورية. وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف إن «النبأ الذي أوردته قناة الجزيرة حول مصرع الجنود الروس في سورية هو حقنة إعلامية أخرى»، واتهمها ب «ممارسة التزوير». ونسبت «الجزيرة» نبأ مقتل الجنود الروس إلى مصادر إعلامية محسوبة على الحكومة السورية وأخرى معارضة.