يُصنف مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي في فئات عدة، منهم أشخاص حقيقيون يظهرون بشخصياتهم الحقيقية من دون أي تحفظ، ويستخدمون هذه المواقع لتوسيع دائرة معارفهم وشعبيتهم، فمثل هؤلاء يضيفون فائدة إلى المواقع من خلال الحوارات البناءة والمناقشات الجادة وتبادل الأفكار. وبين مستخدمي المواقع أشخاص يتقمصون شخصيات وهمية لها صلة بسيطة بواقعهم الحقيقي، مع احتفاظهم بطبيعة العمل الذي يمارسونه ليحافظوا على بعض الشبه بشخصياتهم الحقيقية، وثمة فئة غريبة جداً تتقمص شخصيات وهمية بالكامل فتغير في الجنس، ويعمل المندرجون ضمنها على اختيار شخصيات مغايرة تماماً لشخصياتهم الأصلية ابتداء من لون البشرة، وصولاً إلى الشريحة الاجتماعية، مروراً بالعمر وغير ذلك، حتى أن بعض صغار السن يضعون صوراً على حساباتهم تظهرهم راشدين، موهمين غيرهم بقدرتهم على التواصل والأخذ والعطاء وتبادل الأفكار، على رغم أنهم على العكس تماماً. وربما تظهر أحياناً تقلبات غير عادية على بعض الأشخاص، إذ يتحولون من حال الفرح والسرور إلى الحزن والاكتئاب من دون سبب، والتغير يوحي أحياناً بأن هناك شخصين في شخص واحد، ثم هناك أشخاص تتغير شخصيتهم بين مكان وآخر، بحيث تكون لهم شخصية ما في العمل، وشخصية أخرى في المنزل. وتتغير الشخصيات أحياناً بحسب مواقع التواصل، بحيث تتحول من «تويتر» إلى «آنستغرام» إلى «path»، فإذا سلمنا بأن الإنسان يستطيع أن يخفي داخله غير ما يظهره من أفعال، فما الدافع لهذا التعدد في الشخصيات؟ يعتقد الاختصاصي الاجتماعي منصور العسكر أن السبب في ازدواجية الشخصية في مواقع التواصل «يعود إلى أن الشخص الذي يعتمد تعدد الشخصيات غالباً ما يكون ناشئاً على قيم غير مقتنع بها، فيمارس سلوكيات تعكس الصورة المقنعة للغير، وهي في الأساس غير مقنعة له». ويضيف العسكر: «تظهر الازدواجية نتيجة التعرض لظروف أو ضغوط نفسية أو مسؤوليات فوق احتمال الفرد، فيكون الحل بالازدواجية، والسبب ربما يكون معروفاً للمريض، وهو تفاعل ناتج من عدم التكيف مع الواقع، والهرب من التجربة المؤلمة، أو مشكلات استعصت على الإنسان وتأزمت وحالت دون أن يتكيف مع نفسه، فضاع في أزمة ضغوط اجتماعية أثرت فيه وفشل في احتواء ذلك، كما أن الكبت الزائد يعمل على ازدواجية الشخصية، فيحدث الصراع الداخلي وتهتز الشخصية لا شعورياً، وتصبح شخصية مغايرة».