أظهرت ضربات جوية تركية استهدفت مواقع ل «حزب العمال الكردستاني» وجماعات مرتبطة به في سورية والعراق، مدى الانقسامات الكردية- الكردية، كما مثّلت إحراجاً للأميركيين الذين يعتبرون الأكراد جزءاً من استراتيجيتهم للقضاء على تنظيم «داعش». (للمزيد) وأقرت «وحدات حماية الشعب» الكردية السورية بمقتل ما لا يقل عن 20 من عناصرها في مقر قيادي تم استهدافه في محافظة الحسكة، وقالت وزارة «البيشمركة» الكردية العراقية إن خمسة من عناصرها قُتلوا في ضربة تركية «خاطئة» على منطقة سنجار التابعة لمحافظة نينوى. وعلى رغم إجماع الأطراف الكردية العراقية على إدانة الغارات التركية، إلا أن موقف «الحزب الديموقراطي الكردستاني» الذي يقوده رئيس الإقليم مسعود بارزاني كان لافتاً، إذ حمّل «حزب العمال» المسؤولية وطالبه بالانسحاب من سنجار. وزار مسؤولون عسكريون أميركيون المقر المستهدف ل «وحدات حماية الشعب» في الحسكة، في خطوة لم يتضح إن كانت تعني فعلاً التمسك بالتحالف مع هذا الطرف الكردي في الحرب ضد «داعش»، لا سيما في معركة الرقة المقبلة، وهو أمر ترفضه أنقرة، التي تعتبر «الوحدات» الفرع السوري ل «حزب العمال». وطغت الضربات التركية وردود الفعل على تداعيات العقوبات الأميركية الجديدة ضد 271 شخصاً يعملون في مراكز أبحاث كيماوية في سورية، رداً على الهجوم المفترض بغاز السارين على خان شيخون (إدلب) مطلع الشهر، وقالت مصادر أميركية ل «الحياة» إن العقوبات جزء أول من إجراءات عقابية ستعلنها إدارة الرئيس دونالد ترامب وستتبعها دفعة ثانية من العقوبات هدفها «شل النظام». ورفضت روسيا في الأيام الماضية تحميل الحكومة السورية مسؤولية استخدام السلاح الكيماوي في خان شيخون. وأفيد في طهران أمس بأن وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان توجّه إلى موسكو للمشاركة في اجتماع أمني دولي تستضيفه روسيا، وسيجري محادثات مع نظيره سيرغي شويغو تتعلق بالتطورات على الساحة السورية وقضايا ذات اهتمام مشترك. ونقلت مصادر إيرانية عن السفير الإيراني لدى موسكو مهدي سنائي، إن اجتماعاً ثلاثياً لوزراء دفاع روسيا وإيران وسورية سيعقد في موسكو ل «متابعة التطورات في سورية واتخاذ الإجراءات المناسبة لمعالجتها بما يخدم استمرار وقف النار ودعم الأجواء الرامية إلى إيجاد حل سياسي للأزمة السورية في إطار اجتماعات آستانة». وأعلن الجيش التركي أمس، أن طائراته شنّت غارات على أهداف لمسلحين أكراد قرب جبال سنجار في العراق وفي الحسكة في شمال شرقي سورية، في توسيع لنطاق حملته العسكرية على الجماعات المرتبطة ب «حزب العمّال الكردستاني» المحظور. وأوقعت الضربات ما لا يقل عن 20 قتيلاً من «وحدات حماية الشعب» الكردية السورية في الحسكة، وخمسة قتلى من «البيشمركة» الكردية العراقية في سنجار، فيما اعلن الجيش التركي انه قتل 70 مسلحاً. وقال شاهد من وكالة «رويترز» إن ضابطاً في الجيش الأميركي رافق قادة من «وحدات حماية الشعب» في جولة في المناطق التي أصابتها الضربات التركية في الحسكة (جبل كراتشوك قرب بلدة المالكية)، ما يوضح «الشراكة الوثيقة» بين الطرفين. وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن ما لا يقل عن 18 من عناصر «وحدات حماية الشعب» ومسؤولين إعلاميين قُتلوا في الغارات التركية، لكن «الوحدات» قالت إن 20 من عناصرها قُتلوا فيما جُرح 18 بينهم ثلاثة بحال الخطر. وأوضحت في بيان أن مقرها الرئيسي في جبل كراتشوك قرب الحدود السورية مع تركيا أصيب في الغارات ويضم مركزاً إعلامياً ومحطة إذاعية محلية ومعدات اتصال ومؤسسات عسكرية. وفي إربيل، قالت وزارة البيشمركة إن خمسة من عناصرها المنتشرين في سنجار قتلوا في إحدى الضربات الجوية التركية التي استهدفت مقراً لجماعة مرتبطة ب «حزب العمال». وقالت إن الهجوم «غير مقبول» لكنها حمّلت «الكردستاني» المسؤولية. وقالت في بيان إن «سبب حدوث هذه المشكلات وجود حزب العمال الكردستاني في تلك المنطقة (سنجار)، وعليهم الانسحاب منها». بدوره عبّر المكتب السياسي ل «الحزب الديموقراطي الكردستاني» عن رفضه القصف التركي، لكنه حمّل «الكردستاني» مسؤولية تدهور الأوضاع الأمنية في سنجار، في موقف يختلف عن المواقف التي عبّرت عنها كتل «التغيير» و «الاتحاد الوطني» و «الاتحاد الإسلامي» و «الجماعة الإسلامية» و «الحركة الإسلامية» في برلمان كردستان.