ناشد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم (السبت) الأتراك التصويت لمصلحة تعديلات دستورية قد تؤدي إلى تشديد قبضته على البلاد في آخر اجتماع جماهيري له عشية الاستفتاء المقرر غداً. وتظهر استطلاعات الرأي تقدماً طفيفاً لمن سيصوتون بالموافقة على التعديلات الدستورية التي تهدف إلى الانتقال من النظام البرلماني إلى نظام رئاسي بسلطات كاملة وهي خطوة يقول أردوغان إنها مطلوبة لمواجهة التحديات الأمنية والسياسية. ويقول معارضون للتعديلات إنها خطوة نحو مزيد من الدكتاتورية في بلد اعتقل فيه 40 ألفاً وأقيل 120 ألفاً أو أوقفوا عن العمل في حملة تلت محاولة انقلاب عسكري فاشلة ضد أردوغان في تموز (يوليو) الماضي. وانتقدت دول غربية رد فعل السلطات القاسي على محاولة الانقلاب. وتدهورت العلاقات مع الاتحاد الأوروبي والذي تتفاوض تركيا للانضمام إلى عضويته منذ عقد، خلال حملة الترويج للتعديلات الدستورية عندما اتهم أردوغان قادة أوروبيين بالتصرف مثل النازيين بعد حظرهم تجمعات في بلادهم متعللين بأسباب أمنية. وقال أيضاً إن تركيا قد تعيد النظر في اتفاق تقوم بمقتضاه بالحد من تدفق اللاجئين إلى أوروبا، والكثير منهم فارون من الحرب في سورية والعراق المجاورتين، ما لم ينفذ التكتل خططاً لمنح الأتراك ميزة السفر من دون تأشيرات دخول. وخلال تجمع حاشد في إسطنبول، أحد أربعة تجمعات عقدها في الساعات الأخيرة قبل التصويت غداً، وصف أردوغان التعديلات الدستورية المقترحة بأنها أكبر تغيير في تركيا منذ تأسيس الجمهورية قبل قرن وتتويج للرد على محاولة الانقلاب الفاشلة. وقال لحشد في حي توزلا في إسطنبول: «الأحد سيكون نقطة تحول في الحرب على المنظمات الإرهابية. سننهي في 16 نيسان (أبريل) ما بدأناه في 15 تموز (يوليو)». وتمتع حزب «العدالة والتنمية» الذي أسسه أردوغان بتغطية إعلامية كبيرة في الفترة السابقة على موعد التصويت لكن النتيجة قد تكون متقاربة. وأشار استطلاعان للرأي أول من أمس إلى أن غالبية بسيطة من الأتراك ستصوت بنعم وأن نسبة التأييد له ستزيد قليلاً على 51 في المئة. وقال أردوغان للحشد: «غداً يوم مهم جداً يجب بالقطع أن تذهبوا للاقتراع... لا تنسوا أن هذا التصويت هو شرفنا». * تركيا في مفترق طرق ويحق لحوالى 55 مليون شخص التصويت في تركيا في 167140 مركزاً للاقتراع في أنحاء البلاد تفتح أبوابها في الساعة السابعة صباح الغد بالتوقيت المحلي (4 بتوقيت غرينيتش) في شرق البلاد وتغلق أبوابها في الخامسة مساء بالتوقيت المحلي (14 بتوقيت غرينيتش). وأدلى الأتراك في الخارج بأصواتهم بالفعل. وستلغي حزمة التعديلات التي تشمل 18 بنداً منصب رئيس الوزراء وتعطي الرئيس سلطة صياغة مسودة الموازنة وإعلان حال الطوارئ وإصدار مراسيم للإشراف على الوزارات من دون الحاجة لموافقة البرلمان. ويقول المؤيدون للتعديلات إنها ستنهي النظام الحالي «ذا الرأسين» الذي يُنتخب فيه الرئيس والبرلمان بصورة مباشرة وهو وضع يقولون إنه قد يؤدي لأزمة. وحتى العام 2014 كان البرلمان هو الذي يختار الرؤساء. ويقولون إن الدستور الحالي الذي صاغه جنرالات حكموا تركيا في السنوات التالية لانقلاب 1980 لا يزال يحمل بصمات كتابه العسكريين على رغم مراجعات عدة وبالتالي يجب تغييره. وقال أردوغان: «النظام الرئاسي الذي نأتي به بهذا التعديل الدستوري ضروري لتنمية واستقرار أمتنا والنهوض بها». وقال زعيم حزب «الشعب الجمهوري» المعارض كمال كليجدار أوغلو، إن تركيا في مفترق طرق بين نظام ديموقراطي برلماني و«نظام رجل واحد». وأضاف أن التصويت بنعم سيعرض البلاد للخطر. وقال لمؤتمر للمعارضة في العاصمة أنقرة: «سنضع 80 مليون شخص في حافلة... لا نعلم وجهتها.... نضع 80 مليوناً على حافلة من دون مكابح». وعقد حزب «الشعوب الديموقراطي» المعارض الموالي للأكراد والذي يعارض أيضاً التعديلات المقترحة مؤتمراً اليوم في مدينة ديار بكر جنوب شرقي البلاد، ووجه صلاح الدين دمرطاش أحد زعيمي الحزب المسجون خطاباً للحضور. وقال دمرطاش في خطاب مشترك مع أعضاء معتقلين آخرين من الحزب تلي في التجمع الحاشد: «لم تجر تلك الحملة بنزاهة ومساواة». وأضاف في الخطاب «السبب وراء اعتقالنا كان منعنا من مخاطبة أمتنا. كل موارد الدولة كانت تحت تصرف حملة المؤيدين التي نفذها حزب العدالة والتنمية». ويعتبر أردوغان حزب «الشعوب الديموقراطي» الجناح السياسي لحزب «العمال الكردستاني» المسلح المحظور الذي شن تمرداً على مدى ثلاثة عقود في جنوب شرقي البلاد وأعلن مسؤوليته عن هجوم دموي على مجمع للشرطة في ديار بكر الأربعاء الماضي. وتعتبر الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا حزب «العمال الكردستاني» منظمة إرهابية.