أكدت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل في كلمة لها أمس أمام البرلمان الألماني ان منطقة اليورو ستتغلب على أزمة العملة الأوروبية الموحدة التي تعصف اليوم بدول المنطقة، مشيرة إلى ان الاتحاد الأوروبي «أثبت قدرته على مواجهة الأزمات». وبعدما اعترفت في الوقت ذاته بأن الأزمة المالية والاقتصادية «وضعت الاتحاد في اختبار صعب»، وجهت في صورة غير مباشرة كلامها إلى منتقديها الأوروبيين الذين اتهموها قبل أيام بالتخلي عن التضامن الأوروبي، فقالت: «لن نترك بلداً يسقط» بسبب العجز عن تسديد ديونه وفوائده أو فشله في بيع سنداته. وكان منتقدو مركل، وعلى رأسهم رئيس مجلس وزراء المال في دول اليورو رئيس حكومة لوكسمبورغ جان كلود يونكر، هاجموها بشدة أخيراً بعد رفضها زيادة قيمة المظلة الوقائية المالية من 750 بليون إلى 1.5 تريليون يورو لحماية دول منطقة اليورو في صورة أفضل، خصوصاً اليونان وإرلندا والبرتغال وإسبانيا المتعثرة بهذا القدر أو ذاك، من مضاربات الدائنين الهادفة إلى تسريع عجزها وإفلاسها. ورفضت المطالبة بشراء سندات يورو حكومية لمساعدة الدول المعنية على بيع سنداتها التي ابتعد عنها الدائنون بسبب تراجع ثقتهم فيها. ورأى مراقبون ان كلام مركل قد يكون مقدمة لترطيب الأجواء بينها وبين قادة الاتحاد الأوروبي عشية انعقاد قمتهم والتلميح إلى استعدادها للوصول إلى حلول معهم حول المسائل المختلف عليها. وذكرت المستشارة عشية انعقاد القمة الأوروبية في بروكسيل ان كل الأطراف الفاعلة في أوروبا «تصرفت بشجاعة وتنسيق وحزم»، مجددة التأكيد على ان التغلب على أزمة اليورو سيحصل بالتأكيد. وشددت مركل على ان ألمانيا «تستفيد من العملة الأوروبية المشتركة وتلتزم بمسؤوليتها الأوروبية». ودعت إلى ان تكون المساعدات المالية التي تُقدّم إلى الدول المتعثرة في منطقة اليورو مثل اليونان وإرلندا حالياً «هي الوسيلة الأخيرة فقط في حل الأزمة». وقالت ان هذا المبدأ يتعين ان يسري أيضاً على آلية حل أزمات منطقة اليورو في المستقبل. وأضافت أنها تنتظر من قمة الاتحاد الأوروبي «أن تصدر قراراً دقيقاً ومشتركاً في شأن آلية حل الأزمات الجديدة». وأعربت كذلك عن توقعها بأن تمهد القمة التي ستعقد اليوم وغداً الطريق لإجراء تعديلات صغيرة في معاهدة الاتحاد الأوروبي على ان تُقر في القمة المقبلة التي ستُعقد في آذار (مارس) عام 2011، وبعد ذلك في برلمانات الدول ال 27 الأعضاء. وانتقد زعيم المعارضة البرلمانية رئيس الكتلة النيابية للحزب الاشتراكي الديمقراطي فرانك فالتر شتاينماير في رده على المستشارة موقفها وموقف حكومتها «المعيب» من أزمة اليورو ومن التضامن الأوروبي. وقال ان حكومة بلاده عجزت عن إدارة أزمة اليورو، وفشلت في مهماتها الأوروبية، مشيراً إلى ان التردد والضياع وفقدان الأعصاب والتقوقع في حدود بلدها هي من سماتها. وأضاف ان أمام ألمانيا مهمة تاريخية تتمثل في انقاذ اليورو ومشروع أوروبا. ودعاها إلى إشراك الدائنين في تحمل تبعات الأزمة، وإلى إرسال إشارة تضامن واضحة من خلال الموافقة على زيادة المظلة المالية الوقائية لمنع أزمة اليورو من التمدد، والسعي الحثيث للوصول إلى الوحدة السياسية في أوروبا. إلى ذلك، وضعت وكالة «موديز انفستور سرفيس» للتصنيف الائتماني، التصنيف الائتماني لاسبانيا والبالغ (Aa1) قيد المراجعة لاحتمال خفضه متعللة بمخاوف في شأن تضخم ديون البلاد وحاجاتها التمويلية عام 2011. وأشارت إلى مخاوف في شأن مدى سيطرة الحكومة المركزية على السلطات المحلية في تنفيذ إصلاحات هيكلية على الأوضاع المالية العامة لاسبانيا. وقالت كاثرين ميولبرونر، كبيرة محللي «موديز» لاسبانيا: «تعتقد موديز ان الأخطار النزولية السالفة الذكر تستلزم وضع تصنيف اسبانيا قيد المراجعة لاحتمال اجراء خفض». وتراجع اليورو بعد إعلان «موديز»، فيما سجل الفرنك السويسري مستوى قياسياً امامه بعدما شجعت المخاوف في شأن مشاكل ديون بعض دول أوروبا المستثمرين على خفض تعرضهم لأصول محفوفة بأخطار أكبر في منطقة اليورو والبحث عن بدائل أكثر أمناً. وخسر اليورو في أحدث التعاملات 0.5 في المئة في مقابل الدولار ليسجل 1.3315 دولار بعدما هبط إلى ما دون 1.3300 دولار. وفي مقابل الفرنك السويسري خسر اليورو 0.5 في المئة إلى 1.2772 فرنك بعدما نزل في وقت سابق إلى 1.2761 فرنك. وارتفع الدولار 0.3 في المئة في مقابل سلة عملات رئيسة إلى 79.603 نقطة، ليصعد فوق أدنى مستوى في ثلاثة اسابيع سجله أول من أمس عند 78.819 نقطة. وتراجع الجنيه الاسترليني في مقابل الدولار بعدما جاءت أرقام الوظائف البريطانية أسوأ من المتوقع، إذ ارتفع عدد البريطانيين العاطلين من العمل للمرة الأولى في ستة شهور، الأمر الذي يسلط الضوء على تعاف اقتصادي متفاوت. وتراجع الاسترليني إلى 1.5723 دولار من 1.5750 دولار قبل صدور البيانات في حين ارتفع اليورو أمام العملة البريطانية، مسجلاً 84.71 بنس من 84.55 بنس قبل إعلان الأرقام. وانخفض الذهب إلى ما دون 1390 دولاراً في اوروبا مع ارتفاع الدولار بصفة عامة نتيجة لتعرض اليورو لضغوط بيع. وقال محللون ان الطلب الكامن على المعدن كملاذ امن حال دون حركة تصحيح أكبر. وبلغ سعر الذهب في المعاملات الفورية 1387.40 دولار للأونصة في مقابل 1395.61 دولار في اواخر المعاملات في نيويورك أول من أمس.