واشنطن - أ ف ب - يستعد الرئيس الاميركي باراك اوباما للاعلان عن مراجعته للحرب في افغانستان غداً الخميس، ويتوقع ان يشير فيها الى تحقيق التحالف تقدماً على وقوع عدد قياسي من القتلى الاجانب هذا العام، وظهور خلافات بين واشنطنوكابول واسلام اباد. وعقد اوباما امس، آخر اجتماع مع وزرائه ومستشاريه العسكريين لوضع اللمسات الاخيرة على المراجعة التي تتضمن تقويماً للنتائج بعد سنة من المراهنة على ان زيادة عديد القوات المنتشرة في البلد المضطرب ستؤدي الى سحق «القاعدة» وتكبح تمرد «طالبان». وهيمنت على الاجتماع في غرفة العمليات في البيت الابيض امس، وفاة ريتشارد هولبروك الموفد الاميركي الخاص الى باكستانوافغانستان. وأمضى هولبروك سنتين في العمل الديبلوماسي المرهق بين واشنطن واسلام اباد وكابول وغيرها من عواصم المنطقة لادارة العملية الديبلوماسية وهاجسه الرئيسي ايجاد بدائل ديبلوماسية لحل النزاع. وأمضى البيت الابيض اشهراً في نفي توقعات بتغيير استراتيجيته في افغانستان. وأصبح الهدف الذي حدده اوباما في 2011 بالبدء في سحب القوات الاميركية من ذلك البلد، يعتبر الآن رمزياً اكثر منه تغييراً عسكرياً. وقال روبرت غيبس الناطق باسم البيت الابيض في تقويم لقرار اوباما ارسال 30 الف جندي اضافي الى افغانستان: «حققنا تقدماً ولا تزال امامنا تحديات سواء على مستوى الامن او الحكم». وسجل هذا العام، اكبر عدد من القتلى في صفوف القوات الاميركية وجنود التحالف. كما اشتكى مسؤولون اميركيون مراراً من الفساد في كابول. وكشف اوباما عن بعض ملامح النهج الذي يرجح ان يعتمده بالنسبة الى افغانستان في زيارة الى كابول قبل ايام، اذ ابلغ الجنود انهم يحققون اهدافهم مؤكداً انهم سينجحون. وقال اوباما: «قلنا اننا سنوقف زخم تمرد طالبان. وهذا ما نفعله». الا انه اقر بأنه لا تزال امام الجنود ايام صعبة في الحرب التي اودت بحياة حوالى 700 جندي اجنبي هذا العام. ورأى وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس ان الاستراتيجية الاميركية فاقت توقعاته، اذ اعلن الجيش الاميركي نجاحه في القضاء على قادة «طالبان» على المستوى المتوسط، وكذلك نجاحه في العمليات في معاقل الحركة شرق البلاد وجنوبها. الا انه توجد مؤشرات الى تزايد قوة «طالبان» في المناطق الشمالية والغربية من البلاد التي لا تتواجد فيها اعداد كبيرة من الجنود الاميركيين. وقد تترك المراجعة الاميركية اسئلة مهمة حول مستقبل الحرب في افغانستان من دون اجوبة. ومن بين تلك الاسئلة: هل يمكن الحفاظ على المكاسب الاميركية؟ هل ستظهر القوات الافغانية كقوة مقاتلة حقيقية؟ هل ستبقى «طالبان» الى ما بعد انسحاب القوات الاجنبية؟ وواجهت الادارة الاميركية خلال هذا العام صعوبات في التعامل مع الرئيس الافغاني حميد كارزاي وسط انباء عن معاناته من الاكتئاب وضلوعه في فساد حكومي واسع. وتأتي مراجعة اوباما بعد سنة من خطابه المهم في اكاديميه «ويست بوينت» العسكرية الذي اعاد فيه تحديد اهداف الحرب الاميركية. ومنذ ذلك الوقت، اقال اوباما قائد القوات الاميركية الجنرال ستانلي ماكريستال بسبب تصريحات اساءت الى الادارة الاميركية التي خرجت خلافاتها مع كارزاي الى العلن. وزار اوباما افغانستان مرتين لتكريم الجنود الاميركيين. وعلى رغم ان افغانستان لم تكن المسألة الرئيسية للشعب الاميركي الذي يعاني من تبعات الركود الاقتصادي، فإن ارتفاع اعداد القتلى في الحرب لا يزال يمثل عبئاً رئيسياً على كاهل الرئيس. وأقدم اوباما، الذي اعتبر ان سلفه جورج بوش اهتم بالعراق على حساب افغانستان، على مغامرة صعبة في كانون الاول (ديسمبر) الماضي عندما اعلن عن ارسال مزيد من الجنود الى ذلك البلد، كما حدد موعداً لسحب القوات الاميركية. وسعياً منه الى دحض المزاعم بأنه يرسل الجنود الاميركيين الى حرب مفتوحة ومستنقع يشبه ما حدث في فيتنام، تعهد اوباما العام الماضي بانه «بعد 18 شهراً ستبدأ قواتنا في العودة الى الوطن». وفيما يصر البيت الابيض على ان الحرب تسير بالشكل الصحيح بحيث يمكن للقوات الافغانية تولي بعض السلطات الامنية بما يسمح لبعض القوات الاميركية ترك افغانستان، يبدو ان تاريخ الانسحاب سيكون الآن نهاية عام 2014. وهذا هو التاريخ الذي صادقت عليه قمة حلف الاطلسي الشهر الماضي لكي تبدأ القوات الاميركية وقوات التحالف بتسليم السيطرة التامة لقوات الامن الافغانية. ومن بين الجوانب المهمة في استراتيجية اوباما الجديدة تشجيع جهود باكستان للقضاء على مسلحي «القاعدة» المتمركزين في مناطق القبائل الحدودية الشمالية الغربية التي يغيب عنها القانون، نظراً الى ان بامكانهم التسلل عبر الحدود الى افغانستان لمهاجمة القوات الاميركية. ومن بين النقاط التي ستثير اهتمام المراقبين في تقرير اوباما هو موقف الادارة الاميركية من باكستان بعد تقرير رفعته الادارة الى الكونغرس هذا العام يتهم فيه القوات الباكستانية بتجنب اثارة «نزاع مباشر» مع «طالبان» و «القاعدة».