أصيب الفلسطينيون في قطاع غزة بصدمة جديدة أمس بعدما أوقفت وزارة المال في حكومة التوافق الوطني الفلسطينية مخصصات مالية لصالح الفئات الأكثر فقراً، فيما لا تزال ارتدادات «زلزال» خفض رواتب الموظفين تتوالى. وفوجئت 670 أسرة مستفيدة من برنامج المساعدات لأصحاب الحاجات الخاصة والمعوزين ممن يعيشون تحت خط الفقر المدقع في القطاع بوقف مخصصاتها التي يقدمها الاتحاد الأوروبي من خلال دفعات مالية منفصلة عن التمويل الذي يقدمه لموازنة الحكومة. وقال وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية التي تديرها حركة «حماس» في قطاع غزة يوسف إبراهيم، إن الوزارة في غزة فوجئت بقرار حجب الأسماء من وزارة المال، وليس وزارة الشؤون الاجتماعية. واستهجن هذه الخطوة، مشيراً إلى التواصل في شكل مستمر مع الجهات المعنية في رام الله للعمل على إعادة المخصصات المحجوبة. وكانت البنوك أعلنت قبل يومين وقف التسهيلات والقروض في القطاع، عقب الحسوم الكبيرة من رواتب موظفي السلطة الفلسطينية البالغ عددهم حوالى 54 ألفاً، والتي فوجئوا بها قبل أسبوع. وفي ظل احتجاجات متواصلة، شكلت اللجنة المركزية لحركة «فتح» لجنة سداسية كلفتها الطلب من «حماس» التي تسيطر على القطاع منفردة منذ عام 2007، قبول شروط الرئيس محمود عباس المتمثلة في إلغاء اللجنة الإدارية (حكومة الأمر الواقع) التي شكلتها الحركة أخيراً، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وتنظيم الانتخابات العامة خلال ثلاثة أشهر. وتسعى اللجنة السداسية، التي تصل غزة خلال الأيام القليلة المقبلة، إلى الحصول على إجابات واضحة ونهائية تجاه شروط عباس لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية. وقال عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» جمال محيسن لإذاعة «صوت فلسطين» أمس إن اللجنة ستطلب مع «حماس» التزام كل ما اتفق عليه في اتفاق القاهرة (2011) والتفاهمات التي تمت في الحوارات معها، والتراجع عن كل خطواتها التي تكرس الانقسام، وآخرها تشكيل لجنة لإدارة القطاع، وكذلك تمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة دورها الكامل في قطاع غزة إلى حين إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية. وأضاف: «إذا كان موقف حماس سلبياً ولم تلتزم كل هذه القضايا، ستكون هناك إجراءات تُناقش بعد عودة الوفد من القطاع للحفاظ على مشروعنا الوطني ووحدة الوطن». ويخشى الفلسطينيون أن تؤدي الإجراءات المستقبلية إلى فصل القطاع عن الضفة الغربية. وستقدم اللجنة، المؤلفة من روحي فتوح، وحسين الشيخ، ومحمود العالول، وعزام الأحمد، وأحمد حلس والحاج إسماعيل جبر، تقريرها إلى الرئيس عباس في 25 من الشهر الجاري، أي قبل زيارته المقررة إلى واشنطن في 28 منه. في هذه الأثناء، واصلت «حماس» توجيه نقد لاذع لقرار الحسم من الرواتب. واعتبر القيادي في الحركة صلاح البردويل في بيان أمس، أن «حسم 30 في المئة من الرواتب قرار سياسي من طرف الرئيس عباس، ولا علاقة له بالضائقة المالية». وشدد على أن «محاولة مقايضة لقمة عيش الشعب الفلسطيني في غزة بمواقف سياسية تحاول السلطة فرضها قبل لقاء عباس الرئيس الأميركي (دونالد) ترمب، مكشوفة ومحكوم عليها بالفشل، فغزة عصية على الابتزاز، وحماس لن تبيع ثوابت شعبها بلقمة مسمومة، فالحرة لا تأكل بثدييها». وقفة احتجاجية إلى ذلك، نظمت خمس فصائل هي الجبهتان «الشعبية» و «الديموقراطية» وحزب «الشعب» و «المبادرة الوطنية» و «فدا» ومؤسسات المجتمع المدني أمس، وقفة احتجاجية أمام مقر الحكومة في مدينة غزة شارك فيها قادتها وكوادرها وأعضاؤها وشخصيات وطنية ومجتمعية. ورفع المشاركون لافتات ورددوا هتافات ضد القرار، منددين بسياسات تهميش القطاع. وألقى عضو اللجنة المركزية ل «الشعبية» هاني الثوابتة كلمة باسم الفصائل الخمس طالب فيها الرئيس عباس والحكومة «بالتراجع الفوري عن هذا القرار لما ستترتب عليه من نتائج كارثية وتداعيات خطيرة تصب في اتجاه تعزيز الانقسام والانفصال والتمييز بين أبناء الشعب الواحد». وشدد على أن الراتب حق مكفول للمواطنين، وليس هبة من أحد، خصوصاً أن غزة، عبر المقاصة (الضرائب التي تجبيها الحكومة)، تغطي جزءاً كبيراً من موازنة السلطة». ووصف «هذه الخطوة الخطيرة» بأنها «قرار سياسي بامتياز له علاقة بالانقسام الفلسطيني، وإجراء متعمد وواضح من السلطة ستكون له نتائج اجتماعية وسياسية كارثية على مجمل الأوضاع في القطاع الذي يعاني منذ عشر سنوات من انقسام حاد، وأوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة في ظل ثلاث حروب، وتزايد معدلات الفقر والبطالة ووصولها إلى نسب كبيرة، بالإضافة إلى مشكلات أخرى لا حصر لها تطاول كل قطاعات شعبنا».