يسأل معلم العلوم تلميذه مصعب أي الحيوانات أحبُّ إلى قلبك؟ فيجيب: «الببغاء يا أستاذ». فيستطرد المدرس: «ولماذا الببغاء بالذات يا مصعب؟» فيقول: «لأنه يعيش معنا في البيت وأستطيع أن أتحدث معه وألعب أيضاً وأسرتي تحبه كثيراً». بالتأكيد أسرة مصعب ليست الوحيدة التي تملك الطائر الجميل فكثير من منازل السعوديين لا تخلو من وجود هذا الطائر الأليف، فهو وإن بدا بريشه الملون واستقامته الزاهية يظل الوحيد من الطيور الذي يمتلك ذكاء وقدرة على النطق وإدخال السرور إلى النفس من خلال حركاته اللافتة وتغريده البديع متى ما وجد التدريب المناسب والبيئة التي تساعده على العيش بسلام. ويخبرنا أحد المحبين لهذا الطائر عبدالرحمن الجهني فيقول: «أمتلك زوجاً من الببغاء في داخل البيت وتعوَّد الأبناء عليه وهو طائر ذكي ويجيد تقليد أصوات الإنسان وكلما زارنا أحد في المنزل فإنه يلقي عليه التحية «صباح الخير» و«مساء الخير» التي لقّناه إياها». وزاد: «نحن نتعامل معه بالرفق ونهيئ له الأجواء المناسبة والمكان الذي يستطيع معه إطلاق تغريده الذي يدخل السرور إلى النفس». وإن كان الجهني لم يخف المواقف الطريفة التي تحدث مع الببغاء «حينما يسمع الببغاء الأذان فإنه يردد معه بعض الكلمات التي تفاجئ ضيوفنا باستمرار وقد يتعرف على بعض الأشخاص الذين يزوروننا باستمرار كوالدي»، إلا أن عائشة محمد تعترف بأن وجود الببغاء اليوم في المنازل لا يعدو كونه قطعة مكملة لأثاث وديكور المنزل «أنا أمتلك واحداً والطريف أنه تواصل مع الضيوف وحفظ بعض أسمائهم ما أصاب بعض زواري بالمفاجأة». محمد غلام أحد باعة الطيور يتحدث عن الببغاء، فيقول: «تختلف أشكالها باختلاف أنواعها ولكنها تعرف بشكل منقارها المعقوف والذي يمكّنها من الإمساك بأي شيء تقريباً بمساعدة رجليها التي تتكون من أربعة أصابع، اثنتان إلى الأمام، واثنتان تتجهان إلى الخلف مما يعطيها القدرة على الإمساك بإحكام». ويضيف: «تشتهر الببغاءات بإطلاق تغريدات جذابة وبعضها له المقدرة على النطق والكلام بشكل محدود لا تتوافر في غالبية الكائنات الحية الأخرى، لكنها تتفاوت في كفاءة هذه الموهبة وبحسب النوع أيضاً وقد يرتبط ذلك بالعناية والاهتمام بها ولها قابلية للتعليم والتدريب». وبين غلام أن الببغاء يتغذى على أنواع مختلفة من الطعام الذي يحتوي على مواد غذائية قيمة وفيتامينات، ومن هذه الأطعمة التفاح والعنب والبطيخ والخس، والمكسرات مثل الجوز. وعلى عدد قليل من الحشرات وتمتد فترة حياة الببغاء من خمس إلى 10 سنوات تقريباً، مؤكداً أن أسعار الببغاء تختلف باختلاف أنواعها أيضاً لكنها تتراوح ما بين 500 ريال و2000 ريال. وقد حضر طائر الببغاء في قصائد عدد كبير من الشعراء كما في قصيدة «الظل» للشاعر الراحل محمود درويش: «سأتبعُ ببغاء الشكل سخريةً أقلِّد ما يُقلِّدني لكي يقع الشبيهُ على الشبيه فلا أراهُ ولا يراني.» ويقول الشاعر معين بسيسو: «الببغاء طليقة بلا قفص تنقر في الأفيون وتشهر الجناح كالسلاح لكي تحارب البلاشفة والعاصفة». وينشد الشاعر نزار قباني في إحدى قصائده: «أيريدون أن أمص نزيفي لا جدارٌ أنا و لا ببغاء أنا حريتي فإن سرقوها تسقط الأرض كلها والسماء». ويعتبر هذا الطائر في غالبية الأحيان ملاذ كثير ممن وجدوا في الحياة ضغوطاً كبيرة ولم يبق لهم سوى هذا الطائر الذي يمكن له أن يخاطبهم ويتفهم مشاعرهم!.