ما زالت ردود الفعل على عودة الأكراد العراقيين إلى الحديث عن حق تقرير المصير متواصلة، على رغم تأكيدهم أن هذا الحق «لا يعني الانفصال، وإنما يعني اختيار البقاء ضمن عراق فيديرالي». وفيما وصفت «القائمة العراقية» التي يتزعمها إياد علاوي الموقف الكردي بأنه «يهدد الوحدة الوطنية»، اكتفى «التحالف الوطني» (الشيعي) الحليف للأكراد بالقول إن «الكرد لم يطالبوا بالانفصال ويجب عدم إعطاء الأمور أكثر مما تستوجب». وكان رئيس إقليم كردستان زعيم «الحزب الديموقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني أعلن في المؤتمر ال 13 لحزبه السبت الماضي انه «سيتم طرح مسألة حق تقرير المصير للشعب الكردي في المؤتمر العام للحزب»، مشدداً على انه «لا يمكن المساومة على هوية كركوك، وأن تطبيق المادة 140 سيزيل آثار الظلم ويعزز رغبة الأكراد بالعيش في العراق الجديد». لكن نائبه في رئاسة الحزب نيجيرفان بارزاني انتقد في بيان أمس وسائل الإعلام والسياسيين الذين فسروا كلام مسعود بارزاني بأنه بداية للانفصال عن البلد الأم العراق، معتبراً أن «الكلام فسر في شكل خاطئ». ونفى في شدة أن «يكون مسعود بارزاني دعا إلى انفصال الأكراد»، مؤكداً انهم «كشعب، شأنه شأن أي شعب آخر، له الحق في تقرير مصيره، لكن، قرارنا هو البقاء ضمن العراق، وصدر قرار بهذا الخصوص عن برلمان كردستان في السابق». وأشار الى أن «الدعوة إلى حق تقرير المصير ظلت مطروحة في مؤتمرات الحزب السابقة، وبالتالي ليست بالأمر الجديد، لكن حزبنا متمسك بالبقاء ضمن العراق وحتى في مؤتمرنا الحالي رفع العلم العراقي وعزف النشيد الوطني العراقي»، مبيناً أن «استقلال الأكراد ليس بالأمر الذي نخفيه وإذا كنا في صدده فالرئيس بارزاني سيعلنه بصراحة ولن يخفيه، الرئيس قصد بكلامه أن للأكراد حق تقرير المصير، ولكن قرارنا في ممارسة هذا الحق هو البقاء ضمن عراق موحد وديموقراطي وفيديرالي». وحذرت «القائمة العراقية» من دعوة بارزاني ووصفتها ب «غير الدستورية». وأعلنت في بيان أن «كلمة بارزاني في المؤتمر 13 لحزبه، كنا نأمل فيها أن تكون داعمة لوحدة العراق والحفاظ على سيادته، لكنها جاءت لتطالب بتقرير المصير وعدم المساومة على كركوك من خلال تطبيق المادة 140 من الدستور، على رغم ملاحظاتنا عليه، لم ينص بين دفتيه لا شكلاً ولا مضموناً، على حق تقرير المصير لأي طائفة أو عرق». وأعرب البيان عن أسفه ل «مثل هذه التصريحات». وأضاف: «نهيب بالأكراد الابتعاد عنها لأنها ستعصف بوحدة البلاد والعباد، في الوقت الذي نحن بأمس الحاجة الى الخطاب الذي يعضد اللحمة العراقية ويعيدها الى سابق عهدها عبر التاريخ». ودعا «التحالف الوطني» الشيعي الى «عدم تحميل الأمر أكثر مما يستحق». وقال النائب عن التحالف محمد الدراجي ل «الحياة» إن «بارزاني لم يتكلم عن الانفصال ولم يكن في كلمته تصريح واضح في هذا الشأن». وأضاف إن «عبارة تقرير المصير جاءت ضمن كلام عام في خطاب بارزاني ولا نريد أن نعطي الموضوع أكبر من حجمه، لأن هناك دستوراً هو الذي يحدد قدرة أو عدم قدرة أي طرف على اتخاذ مثل هذه الخطوات»، لافتاً الى «أننا نلتزم الدستور وندعم كل المطالب التي تتفق مع الدستور وليس التي تتعارض معه». الى ذلك، رأى الخبير القانوني والاستشاري في البرلمان السابق طالب الوحيلي أن «لا وجود لأي نص دستوري يدعم حق الأكراد في تقرير المصير بل نص على أن العراق دولة اتحادية برلمانية، ولم يتطرق الى حق تقرير المصير لأي جهة». واستبعد أن «يتخذ الأكراد أي خطوة تهدد وحدة العراق لأن الظرف الدولي الراهن ضد طموحاتهم الواضحة في الانفصال، لا سيما أن مثل هذا الأمر سيؤثر في دول مجاورة مثل تركيا وسورية وإيران». ولفت الوحيلي الى أن «مسألة تقرير مصير في أي منطقة من مناطق العراق يجب إخضاعها للاستفتاء العام لجميع أبناء الشعب الذي صوت لمصلحة الدستور الذي يحفظ وحدة البلاد»، معتبراً أن «الأكراد إذا أصروا على حق تقرير المصير فيجب عرض هذا الأمر على جميع العراقيين للتصويت عليه وليس على سكان إقليم كردستان فقط».