ما بين أوامر الإركاب، وبطاقات «الفيزا» المعقدة، وعلى وقع لحظات المغادرة، تاهت خطى طلاب الابتعاث الخارجي، خصوصاً حاملي «شهادات البكالوريوس» حديثي التجربة، وهم يبحثون عن مخلص لهم ومنقذ يرتب لهم كمّ التعليمات والضوابط الهائلة التي أمطرت مسامعهم بوابل منها. ووسط أكوام عدة من الكتيبات والملاحق الإرشادية غصت بها جنبات الملتقى الخاص بالطلاب المبتعثين المنعقد حالياً في مدينة جدة، فوجئت «الحياة» وهي تجول مساء أمس (الأحد) على الملتقى بأن غالبية الملتحقين ببرنامج الابتعاث (يعقد لليوم الثاني على التوالي)، هم من صغار السن، وحديثي التجربة بالبرنامج، خصوصاً حملة الشهادة الثانوية، ما سبب ازدحاماً شديداً عند مداخل البوابات، وإرباكاً كبيراً عند طاولة المسارات المخصصة لاستقبال الطلاب وتوجيههم، نظراً إلى عدم معرفتهم بالكثير من القواعد والأنظمة الخاصة ببرامج الابتعاث. وانتقد الطالب المبتعث عبدالله عبدالواحد، تخصص «طب عام» لغة مماطلة إدارة الابتعاث الخارجي، التي أدت إلى تأخير موعد الملتقى فترة طويلة قربت من العام الكامل. وقال ل «الحياة» : «منذ قرابة العام، ونحن ننتظر موعد انعقاد الملتقى من دون أن يحدد وقته الرسمي، فتارةً يقال لنا سيبدأ قبل شهر رمضان، وأخرى بعد انقضاء عطلة عيد الفطر، من دون أن يتحقق من هذا الأمر شيء»، مضيفاً أن هذا الأمر كلفه قرابة تسعة أشهر كاملة من العطالة عن أداء أي عمل في انتظار موعد الابتعاث فقط. وأوضح أن وجهته ستكون إلى دولة المجر لدرس الطب، وتعلم اللغة، والاحتكاك بتجارب الآخرين، ممن يفوقونه علماً وتجربةً وخبرة، مشيراً إلى أن أكبر الدوافع التي جعلته يفكر في السفر والدراسة في الخارج هو حصوله على الشهادة الدولية. وينتظم طلاب الابتعاث لحاملي الشهادة الثانوية والبكالوريوس والماجستير في ملتقى عام يعقد حالياً في جدة، متاح للجنسين (الرجال والنساء)، ويشهد على مدى أسبوع كامل عدداً من اللقاءات التوجيهية، والمحاضرات التوعوية يلقيها نخبة من الأكاديميين والمختصين في شؤون الابتعاث في وزارة التعليم العالي السعودية. من جانبه، لفت أحد الطلاب المشاركين في ملتقى الابتعاث طالب الطب محمد السحيمي إلى أن غالبية المحاضرين ركزوا في محاضراتهم ولقاءاتهم على محور السفر، وأوامر الإركاب، والحصول على بطاقات «الفيزا» وكيفية العيش في بلاد الابتعاث، من دون أن يطرقوا جوانب أخرى مهمة، كمعدل الدرجات، ومستوى الجامعات التي سندرس فيها، وهل هي معتمدة لدينا هنا أم لا؟، مؤكداً في الوقت نفسه أن هذه الأسئلة مهمة وبحاجة إلى إجابات شافية خلال الأيام القليلة المتبقية من عمر الملتقى. وركز السحيمي (مبتعث إلى ألمانيا) على أن المحاضرين تتفاوت درجات تأثيرهم على الطلاب من ناحية الاستزادة من المعلومات التي يحتاجونها منهم، فبعضهم ملم بكل هموم وشؤون الابتعاث جيداً، فيما تجد البعض الآخر على غير معرفة إلا ببعض الجوانب من دون الأخرى، ملمحاً إلى أنه في حال سؤال بعض الأكاديميين في بعض المواضيع نفاجأ بإحالتنا إلى مشرفين آخرين لا نعرفهم للإجابة عن تلك الاستفسارات. وشدد على ضرورة أن تتكفل الملحقية الثقافية في كل دولة بشؤون وأمور الطالب خصوصاً إجراءات السفر وتنظيم الإقامة، وأن تتم تهيئة الأجواء النقية لكل الطلبة، وعدم إثقال كواهلهم بأي أمر من الأمور التي تشتت أذهانهم، وتفقدهم تركيزهم عن الحصول على الدرجات العلمية العالية.