من يعلم ان المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية على استخدام الجيل الثالث من تقنية الإنترنت للهاتف الخلوي «جي 3» استغرقت 10 سنوات، سيدرك ان 20 عامًا من المفاوضات على الأرض والدولة لم تكن طويلة، كما يعتقد الكثيرون. وتوصل المفاوضون الفلسطينيون والإسرائيليون أخيراً الى اتفاق لاستخدام ال «جي 3» في الضفة الغربية، من دون قطاع غزة، في المرحلة الأولى، وذلك بعد عشر سنوات من المفاوضات الفنية، تدخل فيها ثلاثة وزراء خارجية اميركيين هم كوندوليزا رايس وهيلاري كلينتون وجون كيري، ورئيس «اللجنة الرباعية الدولية» توني بلير، واتحاد الاتصالات الدولي. وقال وكيل وزارة الاتصالات الفلسطينية سليمان الزهيري الذي توصل الى الاتفاق مع نائب المدير العام لوزارة الاتصالات الإسرائيلية ناتي شوبرت ان الجانب الإسرائيلي أغرق الجانب الفلسطيني في تفاصيل تفاوضية كان من الصعب الخروج منها سوى بتدخل اطراف دولية عديدة. وأضاف: «تدخل في هذه المفاوضات ثلاثة وزراء خارجية اميركيين، واللجنة الرباعية الدولية واتحاد الاتصالات الدولي، وفي كل اسبوع كان لنا اتصال مع وزراة الخارجية الأميركية، الى ان انتهينا من الأمر». لكن النهاية لا تبدو كاملة ولا تبدو وشيكة ايضًا، ففي المرحلة الأولى سيقتصر تطبيق الاتفاق على الضفة، ثم ستبدأ جولات اتصالات وتفاوضات من جديد على ادخال المعدات الفنية الى قطاع غزة. وقال الزهيري: «منذ ثماني سنوات ونحن نتفاوض مع الجانب الإسرائيلي على ادخال المعدات اللازمة لتشغيل خدمة الجيل الثاني من الإنترنت الى قطاع غزة، الى ان وافق اخيراً». وأضاف: «توصلنا الى اتفاق لكل الأراضي الفلسطينية، لكن المشكلة ان الإسرائيليين يتحكمون في المعدات التي تدخل، فقبل ثماني سنوات، توصلنا الى اتفاق لاستخدام الجيل الثاني من الإنترنت، وحتى الآن لم يدخل هذا الجيل في الخدمة في قطاع غزة». وتابع: «اسرائيل سمحت الآن للشركة الوطنية للهاتف الخلوي بإدخال معدات الجيل الثاني الى غزة، وسيتم العمل بها قريباً، لكن لا نعلم متى سيتم السماح بإدخال معدات الجيل الثالث». وتوصل الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي، بتدخل مباشر من كيري، الى مذكرة تفاهم في كانون الأول (أكتوبر) عام 2015 تنص على تخصيص الترددات اللازمة للسلطة الفلسطينية لاستخدام الجيل الثالث من الإنترنت للهاتف الخلوي. وأعلن الجانب الفلسطيني في حينه ان خدمة «جي 3» ستكون متاحة خلال ستة اشهر، لكن عندما بدأ الجانبان في بحث التفاصيل وضع الجانب الإسرائيلي عراقيل حولت الأشهر الستة الى عامين على اقل تقدير. وقال الزهري: «أغرقونا بالتفاصيل. في البداية، قالوا نريد شركة وسيطة للتشغيل، وعندما رشحنا شركة إريكسون العالمية، أدخلونا في سلسلة من التفاصيل البيروقراطية الطويلة في شأن ترخيص الشركة وعملها». وأضاف: «وعندما بحثنا التطبيق، قالوا نريد ان لا تشمل الترددات مناطق المستوطنات التي تملأ البلاد، ما يعني تقطيع اواصر التجمعات السكانية الفلسطينية، وتقديم الخدمة فيها بصورة منفصلة عن الأخرى، وهذا ما رفضناه» «وبعد سنة ونصف السنة، اتفقنا على التفاصيل، ونحتاج منذ اليوم الى ستة اشهر على الأقل، لتركيب المعدات وبدء التشغيل في الضفة، ولا نعرف متى يمكننا فعل ذلك في غزة». ويشكل سكان قطاع غزة حوالى نصف سكان الأراضي الفلسطينيةالمحتلة عام 1967، اذ يبلغ عددهم مليوني نسمة، فيما يبلغ عدد سكان الضفة مليونين ونصف المليون نسمة. ويرى مراقبون ان الجانب الإسرائيلي وافق على منح الفلسطينيين الترددات لاستخدام الجيل الثالث من الإنترنت للهاتف الخلوي لتجنب الضغوط الأميركية لتقديم تنازلات في مواضيع سياسية مثل الأرض والاستيطان والدولة. وتذرعت اسرائيل، في السنوات السابقة، بوجود اسباب امنية وراء منع استخدام تقنية «جي 3» في الأراضي الفلسطينية، لكن الكثير من المراقبين في اسرائيل يقول ان السبب اقتصادي وليس امنياً، مشيرين الى الأرباح الكبيرة التي تجنيها شركات الاتصالات الإسرائيلية من وراء استخدام الفلسطينيين الخدمة التي تقدمها تلك الشركات. وقال احد المراقبين: «لو كان الأمر امنياً، لما سمحت اسرائيل لشركاتها بتقديم هذه الخدمة للفلسطينيين الذين يستخدمونها على نطاق واسع». وأعلنت السلطة الفلسطينية فور التوصل الى هذا الاتفاق عن عدم السماح للشركات الإسرائيلية ببيع شرائحها في السوق الفلسطينية. وقال الرئيس التنفيذي لشركة الاتصالات الفلسطينية عمار العكر: «شراء الخدمة من الشركات الإسرائيلية يعني تمويل الاحتلال والاستيطان». وأضاف: «البعض كان يقول انه يستخدم شرائح اسرائيلية لعدم توافر خدمة الجيل الثالث في فلسطين، أما الآن، بعد الاتفاق على توفير هذه الخدمة، لم يعد لأحد مبرر لذلك».