فتح المدعي العام في أنقرة تحقيقاً في احتمال وجود «خلية انقلابية» من التيار العلماني داخل الجيش، قادرة على «عرقلة» عمل حكومة بن علي يلدرم. استند ذلك إلى خبر نشرته صحيفة «حرييت» الأسبوع الماضي، أفاد ب «انزعاج أوساط في قيادة الأركان من قرار الحكومة السماح بارتداء الحجاب في المؤسسة العسكرية». تزامن ذلك مع مواصلة الحكومة عزل ضباط في الجيش، بينهم جنرالات ورجال أمن، للاشتباه في انتمائهم إلى جماعة الداعية المعارض فتح الله غولن، أو في أدائهم دوراً سرياً في محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز (يوليو) الماضي. وتتهم أنقرة غولن بأنه «العقل المدبّر» للمحاولة الفاشلة، علماً أنه مقيم في الولاياتالمتحدة منذ العام 1999. وأعلن نعمان كورتولموش، نائب رئيس الوزراء التركي، أن بلاده جمعت معلومات استخباراتية «جدية» تفيد بأن أنصاراً لغولن اشتروا «أراضي ومزارع» في كندا، تمهيداً لفرار الداعية إليها، خشية تسليمه إلى أنقرة. وأضاف أن تركيا أبلغت وزارة العدل الأميركية هذه المعلومات، معرباً عن أمله بأن تتعامل معها واشنطن بجدية. إلى ذلك، فتح المدعي العام في أنقرة التحقيق بعدما قدّم أستاذ للحقوق في جامعة إسطنبول وهو موالٍ للحكومة، شكوى قضائية ضد «حرييت» مطالباً بإغلاقها وبسجن رئيس تحريرها وكاتبة الخبر هانده فرات التي كانت أول من وصل إلى الرئيس رجب طيب أردوغان خلال المحاولة الانقلابية، وشاهدها الملايين تحاوره على الهواء مباشرة عبر تطبيق «فيس تايم»، واعتبر كثيرون أنها ساهمت في إفشال الانقلاب، من خلال منح الرئيس منصّة ليطالب أنصاره بالنزول إلى الشارع. واعتبر صاحب الشكوى أن الصحيفة «تنقل رسالة تهديد من انقلابيين إلى الحكومة، وتساهم بذلك في التمهيد لانقلاب عسكري» وتهدّد نظام الحكم الديموقراطي. وناقش يلدرم الأمر مع رئيس الأركان الجنرال خلوصي أكار، في اجتماع مفاجئ، مطالباً بتحقيق إداري داخل قيادة الأركان لمعرفة المسؤول عن توجيه تلك الرسالة. ووَرَدَ في بيان نشرته «حرييت» أن التحقيق وردود فعل وسائل إعلام موالية للحكومة «توضح بلا أدنى شك المستوى الذي انحدرت إليه تركيا في كيل اتهامات زوراً ومن دون أي دليل لأي مواطن شريف أو مؤسسة إعلامية». كما دافعت هانده فرات عن الخبر، معتبرة أن أن «كل مَن ينتقدونه لم يقرأوه، وهو لا يشير أبداً إلى ما تتحدث عنه الحكومة». لكن صحيفة «جمهورييت» أوردت أن المدعي العام سيستجوب فرات. وكانت هانده فرات التقت مساعدين لرئيس الأركان، وكتبت ما حصلت عليه من إجابات على سبع مسائل تُوجّه فيها انتقادات إلى الجيش، بينها معركة «درع الفرات» وقرار الحجاب. ووضع كثيرون الخبر في إطار «تلميع» صورة أكار، بعد انتهاء معركة «الباب» في شمال سورية. في المقابل، اعتبرت أوساط سياسية معارضة أن كل ما يحدث ليس سوى زوبعة في فنجان، تؤجّجها الحكومة من أجل الاستفادة منها قبل استفتاء على النظام الرئاسي الذي ستنظمه تركيا في نيسان (أبريل) المقبل، ولترويج أن خطر الانقلابيين ما زال قائماً، وأن النظام الرئاسي يقضي عليه. ورأت هذه الأوساط أن الجيش الذي لم تزعجه تصفية أبرز قادته سابقاً في قضايا «انقلابية» وهمية، مثل «أرغينيكون» و «المطرقة»، ولم يأبه لعزل قادة مُتهمين بالانتماء إلى جماعة غولن، ولنزع سلطات رئيس الأركان على القوات المسلحة، وفي شأن قرارات ترقية ضباط وتعيينهم، لن يغضب أو حتى يهدّد بسبب قرار السماح بارتداء الحجاب، بعدما بات ارتداؤه مسموحاً في كل مؤسسات الدولة والمدارس والجامعات. في غضون ذلك، استهجن كورتولموش إعلان وزير الخارجية النمسوي سيباستيان كورتز، أن بلاده لا ترحّب بزيارة لأردوغان لدعوة الأتراك المقيمين في النمسا إلى التصويت لمصلحة النظام الرئاسي في الاستفتاء. إلى ذلك، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء، بأن أردوغان سيزور موسكو في 8 و9 آذار (مارس) المقبل للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.