كما كان متوقعاً، شرعت الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية التي تديرها حركة «حماس» في قطاع غزة في حملة أمنية كبيرة ضد الفلسطينيين المتعاونين مع إسرائيل. وقال موقع «المجد» الأمني التابع ل «كتائب القسام» الذراع العسكرية لحركة «حماس» أمس، إن الأجهزة الأمنية في غزة بدأت في الساعات الماضية حملة أمنية كبيرة لملاحقة المتعاونين مع إسرائيل، تم خلالها اعتقال عدد منهم. وكشف مسؤول أمني في غزة لموقع «المجد» عن «فتح باب التوبة أمام العملاء» الذي قد يستغرق اسبوعاً أو أكثر، كما فعلت خلال السنوات الماضية أكثر من مرة. ووعد المسؤول الأمني من يسلم نفسه للأجهزة الأمنية ب «الستر وتخفيف العقوبة» في حال تمت محاكمته. وتأتي هذه الخطوة في أعقاب اغتيال القيادي في «كتائب» القسام مازن فقها أسفل منزله في مدينة غزة الجمعة قبل الماضي برصاصات عدة أطلقها مسلحون مجهولون عليه من مسدس مزود بكاتم للصوت. ومن المتوقع أن تُقدم الأجهزة الأمنية خلال الأيام المقبلة على إعدام عدد من الغزيين المتعاونين مع إسرائيل، الذين صدرت في حقهم أحكام قضائية قطعية غير قابلة للنقض أو الاستئناف. وحملت عملية الاغتيال المفاجئة الصادمة، وتُعتبر الأولى من نوعها في القطاع، رسائل عدة لحركة «حماس» التي تسيطر على القطاع في صورة مطلقة منفردة منذ عام 2007. وعقب اغتيال فقها أغلقت «حماس» كل منافذ القطاع البرية والبحرية وقيدت حركة الغزيين، باستثاء فئات قليلة جداً. ونشرت وزارة الداخلية عشرات الحواجز الثابتة والفجائية في مختلف الشوارع والطرق الرئيسة داخل مدن القطاع وخارجها بحثاً عن القتلة، ولمنح مليوني فلسطيني شعوراً بالأمان بعدما شعر بعضهم بفقده، فقده نظراً الى تنفيذ العملية بدقة متناهية وسط حي مكتظ بالسكان. ووصف عدد من قادة الحركة السياسيين والأمنيين اغتيال فقها بأنه «نقطة تحول خطرة جداً يكون لها ما بعدها». وأعلن النائب العام في القطاع قبل أيام قليلة عن قرار حظر نشر أي معلومات حول التحقيقات الجارية لكشف خيوط الجريمة، وكذلك عدم نشر أي أخبار أو تقارير نقلاً عن الصحافة العبرية تتعلق بالجريمة. كما أعلنت وزارة الداخلية عن عزمها اتخاذ اجراءات أمنية مشددة لمنع تكرار مثل هذه الجريمة. وألقت هذه الإجراءات بظلال من الشك والخشية من ارتكاب انتهاكات للحريات العامة وحقوق المواطنين الأبرياء المكفولة دستورياً في ظل تعاطف شعبي واسع مع الشهيد وعائلته، وغضب وسخط على العملاء والمتعاونين. وكانت الأجهزة الأمنية نفذت آخر حكم بإعدام ثلاثة متعاونين مُدانين في 31 أيار (مايو) 2016. لكن آخر عملية إعدام جماعية للعملاء تمت خلال الأيام الأخيرة من العدوان الإسرائيلي الثالث على القطاع صيف عام 2014، إذ تم إعدام 18 فلسطينياً، عدد منهم محكوم بالإعدام وآخرون صدرت في حقهم أحكام لسنوات عدة. وسبق ذلك إعدام عدد من العملاء خلال العدوان الإسرائيلي الثاني على القطاع في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012.