يأتي اعلان واشنطن تخليها عن المطالبة بتجميد الاستيطان كأساس للعودة الى المفاوضات المباشرة، ليعكس عملية اعادة رسم أولويات ادارة باراك أوباما بعد انتخابات الكونغرس، والتركيز على القضايا الأكثر الحاحاً وتبني نهج أقل سخونة في عملية السلام. وإذ تشير مصادر موثوقة الى أن وزارة الخارجية والبيت الأبيض يهمان بمراجعة داخلية شاملة في شأن الخيارات البديلة للدفع بعملية السلام، من المقرر ان تعلن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون الخطوط العريضة في خطاب لها غداً من دون توقّع تغييرات أو اعلانات «درامية» في النهج الأميركي. وأكد مسؤول أميركي ل «الحياة» أمس أنه «بعد الاستشارات مع الأطراف، قررنا أن تمديد التجميد لن يوفر في هذا الوقت الأساس الأفضل لاستئناف المفاوضات المباشرة». وأضاف أن الانخراط سيستمر في «الأيام والأسابيع المقبلة في القضايا الجوهرية مع الجانبين ومع الدول العربية وبقية الأطراف الدوليين». ويعكس الإعلان انهيار المفاوضات التي بدأت الصيف الماضي بين ادارة أوباما وحكومة بنيامين نتانياهو لوقف الاستيطان لمدة ثلاثة أشهر في مقابل رزمة مساعدات وضمانات أمنية وسياسية لإسرائيل. وفيما لم يأت المسؤول على ذكر الأسباب الرئيسة لفشل المفاوضات، رجحت مصادر موثوقة أن تكون تعقيدات الوضع الداخلي والخارجي أمام أوباما وراء هذا التراجع. اذ أشارت المصادر الى حال «ارتباك داخلي» في الإدارة في شأن استراتيجية عملية السلام وافتقاد الهيكلية للمضي قدماً. كما جاء انشغال الإدارة بأولويات سياسة أخرى في شرق آسيا بعد التشنج بين الكوريتين، وداخلياً في التعايش مع الكونغرس الجمهوري، ليبعد عملية السلام عن الأولويات الحالية. وكان أي ضمانات مقدمة لإسرائيل، خصوصاً المساعدات الأمنية، سيحتاج لموافقة الكونغرس. غير أن الإدارة تحتاج الى الرأسمال السياسي مع الكونغرس الجديد لتمرير اتفاق «ستارت 2» مع روسيا، وتشريعات اقتصادية أكثر تأثيراً في أجندة الرئيس من عملية السلام. على رغم ذلك بدا أن واشنطن ملتزمة هدفها مع تأكيد المسؤول أن «العمل سيكون لخلق أساس صلب نحو هدفنا المشترك للوصول الى اطار اتفاق على كل قضايا الحل النهائي»، وأن البحث سيتم في هذه الصيغ خلال زيارة المفاوض الفلسطيني صائب عريقات ونظيره الإسرائيلي اسحق مولخو لواشنطن الأسبوع المقبل. وأكدت مصادر موثوقة على تواصل مع الإدارة الأميركية ل «الحياة» أن المعنيين بملف عملية السلام في وزارة الخارجية الأميركية والبيت الأبيض يقومان بمراجعة شاملة للاستراتيجية التفاوضية، اذ فيما كان نهج ميتشل وراء صوغ خطوات بناء الثقة بينها المطالبة بتجميد الاستيطان، يؤيد فريق آخر يقوده مستشار أوباما للشرق الأوسط دنيس روس انخراطاً مباشراً وسريعاً بالمفاوضات من دون وضع شروط مسبقة، بالتوازي مع خطوات بناء ثقة والولوج سريعاً بمعالجة قضايا الحل النهائي. ويشكل وصول جهود وقف الاستيطان الى طريق مسدود، سواء كانت الأسباب متعلقة بانشغال واشنطن بملفات أخرى أو استعصاء نيل موافقة من حكومة بنيامين نتانياهو، ضربة لميتشل وفريقه. وفيما لا تتوقع المصادر اعلانات محورية من الإدارة الأسبوع الجاري عن الخطوات البديلة، وتشير الى أن الفريق ما زال يدرس «هيكلية المرحلة المقبلة»، ينتظر أن تعلن كلينتون الخطوط العريضة الجديدة للموقف الأميركي غداً في خطاب أمام مركز «سابان» التابع لمعهد «بروكينغز».