صادق البرلمان التونسي على مشروع قانون يتعلق بتعديل قانون المجلس الأعلى للقضاء في ظل مقاطعة المعارضة واحتجاج القضاة. وحذر معارضو قانون السلطة القضائية من سيطرة الحكومة على المجلس الأعلى للقضاء وضرب مبدأ استقلال القضاء الذي نص عليه دستور الجمهورية الثانية. وصوّتت غالبية أعضاء البرلمان لمصلحة مشروع تعديل قانون المجلس الأعلى للقضاء الذي قدمته الحكومة بهدف حل مشكلة انعقاد أول جلسة عامة لهذا المجلس الذي تعطل لأشهر، بسبب خلاف بين القضاة والحكومة حول استكمال تركيبة مجلس القضاء الذي انتُخب أعضاؤه في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وقبل الشروع في المصادقة على مشروع القانون انسحبت الكتل النيابية المعارضة تنديداً بما اعتبرته تآمراً من السلطة التنفيذية على القضاء. وتمت المصادقة على القانون بغالبية 120 نائباً ومعارضة نائبَين (من أصل 217) بينما قاطعت التصويت كتل «الوطني الحر» و «الجبهة الشعبية» و «الديموقراطية». وعُقدت جلسة المصادقة وسط أجواء من الرفض لهذا القانون حيث احتج عشرات القضاة أمام مبنى البرلمان ضد ما اعتبروه «تدخلاً خطيراً في استقلال السلطة القضائية»، رافعين شعارات «لا وصاية سياسية على السلطة القضائية» و «لا رجوع لقضاء الخنوع» و «حريات حريات... لا قضاء التعليمات». وبمصادقته على هذا القانون، يكون البرلمان سحب صلاحية الدعوة إلى الجلسة الافتتاحية للمجلس الأعلى للقضاء من رئيس «الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي» (هيئة مستقلة موقتة) لمصلحة رئيس المجلس النيابي، ما اعتبره معارضو القانون «تدخلاً سافراً من الحكومة عبر السلطة الاشتراعية في استقلال القضاء». وقالت رئيسة جمعية القضاة التونسيين روضة القرافي في تصريح إلى «الحياة»، إن «الحكومة تسعى من خلال هذا القانون للعودة إلى ممارسات النظام السابق والسيطرة على الجهاز القضائي لأغراض سياسية». واعتبر وزير العدل غازي الجريبي، في كلمته خلال الجلسة العامة في البرلمان، إن هذا القانون ينظم أموراً شكلية فقط وهي الدعوة إلى انعقاد المجلس الأعلى للقضاء. وأضاف أن «كل ما قيل عن أن السلطة الاشتراعية أو السلطة التنفيذية تريد التدخل في القضاء لا أساس له من الصحة». وتأخر تأسيس المجلس الأعلى للقضاء، وهو هيئة دستورية تسهر على حسن سير القضاء واستقلال النظم القضائية تتكون من 45 عضواً 33 منهم منتخبون و12 معيّنون، بسبب خلاف حول استكمال تركيبته وسط نزاع بين الحكومة والهيئة القضائية المستقلة التي تشرف حالياً على القضاء، حول أحقية كل طرف منهما بتعيين الأعضاء غير المنتخبين. وفور الانتهاء من المصادقة على مشروع القانون مساء الثلثاء قام 34 نائباً من كتل معارضة مختلفة بالتوقيع على عريضة للطعن في دستورية القانون، ويُنتظر أن تبت الهيئة الدستورية لمراقبة دستورية القوانين (هيئة مستقلة موقتة) فيه. ومن المنتظر أن يتأخر أيضاً تشكيل المحكمة الدستورية، أعلى سلطة قضائية في النظام الجمهوري التونسي، باعتبار أن تركيبتها مؤلفة من ثلث يعينه رئيس الجمهورية وثلث يعينه البرلمان بينما يعين المجلس الأعلى للقضاء، الذي لم يستكمل بعد تركيبته، الثلث الباقي.