انتهى وزراء الخارجية العرب من تهيئة الأجواء وتجهيز الملفات التي ستُعرض على القمة العربية المقرر أن تلتئم غداً في منطقة البحر الميت الأردنية، وسط توقعات بأن تمر القمة من دون معضلات، وأن تلجأ إلى حلول سهلة، بترحيل قضايا خلافية إلى القمم اللاحقة كما حصل من قبل. واستبعد الأردن حدوث مفاجآت في القمة التي يشدد على أنها «عادية تعقد في ظروف استثنائية» (للمزيد). وعلى رغم الأزمات التي تعصف بأقطار عربية وتفجُّر الأوضاع الميدانية فيها، ظهر إجماع على إعطاء القضية الفلسطينية أولوية مطلقة على أساس أن الحل الوحيد المقبول هو «حل الدولتين»، وأن المبادرة العربية للسلام التي أُطلقت في قمة بيروت عام 2002 هي المرجع الأساس المقبول، من دون الخوض في الإشارات الأميركية لعقد مؤتمر إقليمي لدفع المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية. وتعتبر عمان أن الإدارة الأميركية ما زالت في مرحلة مبكرة لبلورة رؤية خاصة للتعامل مع هذا الملف. وعلمت «الحياة» إن إعلان عمان، الذي سيصدُر في ختام القمة، ينص على أن «لا تغيير في المبادرة العربية للسلام في مضمونها ونصوصها». وكان الجانب الروسي طلب حضور ممثل له في قمة عمان، ومن المقرر أن يشارك في الجلسة الأولى من المؤتمر. وأكد مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية، في مشاريع القرارات التي رفعت إلى القادة، التمسكَ بمبادرة السلام العربية والتزامها كما طُرحت في قمة بيروت عام 2002، وعلى «مركزية قضية فلسطين بالنسبة إلى الأمة العربية جمعاء»، والهوية العربية للقدس الشرقيةالمحتلة، عاصمة دولة فلسطين. ورفض الوزراء ترشيح إسرائيل لعضوية مجلس الأمن لعامي 2019- 2020. وأدرج بند يتعلق بالتدخلات التركية في العراق بناء على طلب بغداد. وطلب قرار لوزراء الخارجية من الحكومة التركية سحب قواتها فوراً من دون قيد أو شرط من العراق، باعتبار وجودها «اعتداءً على السيادة العراقية، وتهديداً للأمن القومي العربي». كما أدرج بند آخر يتعلق بالتدخلات الإيرانية في الشؤون العربية بناء على طلب خليجي. ودان قرار وزاري تصريحات المسؤولين الإيرانيين التحريضية والعدائية ضد الدول العربية، وطالب طهران بالكف عن تلك التصريحات العدائية والأعمال الاستفزازية، ووقف الحملات الإعلامية ضد الدول العربية باعتبارها تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية لهذه الدول. وأكد مجدداً على إدانة الاعتداءات التي تعرضت لها سفارة المملكة العربية السعودية في طهران وقنصليتها العامة وإدانة واستنكار التصريحات التحريضية والعدائية المستمرة ضد الدول العربية»، والتأكيد على «أهمية أن تكون علاقات التعاون قائمة على مبدأ حسن الجوار والامتناع عن استغلال القوة». وأعرب المجلس أن الحلول العسكرية والأمنية «وحدها غير كافية لإلحاق الهزيمة بالإرهاب» وأكد على ضرورة العمل على إيجاد «إستراتيجية شاملة متعددة الأبعاد لمكافحة الإرهاب تتضمن الأبعاد السياسية والاجتماعية والقانونية والثقافية والإعلامية وغيرها». وفي خصوص لبنان، رحب القرار الوزاري بانتخاب العماد ميشال عون رئيساً وبتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة سعد الحريري، وأكد أهمية وضرورة «التفريق بين الإرهاب والمقاومة المشروعة ضد الاحتلال الإسرائيلي»، وعدم اعتبار «العمل المقاوم عملاً إرهابياً». وبدا حاضراً في مداولات وزراء الخارجية ملف اللاجئين السوريين الذين يستضيف الأردن 1.3 مليون منهم. وأشار الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في كلمته أمس أمام الوزراء العرب، إلى ضغط اللاجئين الذي يتحمل لبنانوالأردن الجزء الأكبر من أعبائه، مطالباً بتقديم كل دعم ممكن وكل مساعدة ضرورية. وظهر توافق في شأن اليمن، إذ تبنى الوزراء دعم الشرعية اليمنية، وإيجاد حل سلمي يستند إلى المبادرة الخليجية وآليات تنفيذها ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وتشير أوساط أردنية إلى تحمل الأردن تداعيات رياح الإرهاب في دول الجوار، وترى أن القضاء على التنظيمات الإرهابية عسكرياً لن يكون كافياً لمواجهة هذه الآفة، علماً أن ملف مكافحة الإرهاب يحظى باهتمام واسع في القمة. وشدد وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي في كلمته أمام الاجتماع الوزاري، على أن «الإرهاب مسخ يجب استئصاله حماية للشعوب العربية ودفاعاً عن القيم العربية». وأوضح أن الاجتماع أقر مشاريع القرارات بالتوافق. وسادت أروقة المؤتمر آمال بأن تكون قمة «البحر الميت» هي قمة استعادة روح التوافق العربي وتحقيق مصالحات والوصول إلى قواسم مشتركة بين الدول العربية في شأن قضايا الوطن العربي، وأن تتمكن القمة من وضع أسس لدور عربي في معالجة القضايا العربية التي صارت تناقش ويبحث لها عن حلول خارج الإطار العربي. ودعا أبو الغيط إلى «عدم ترحيل الأزمة السورية إلى أطراف دولية وإقليمية». واعتبر مصدر عربي تحدث إلى «الحياة» أن السياسة الأردنية المتوازنة ستساهم في تحقيق توافق عربي في شأن القضايا المطروحة على القمة. وتوقع أن تشهد فترة رئاسة الأردن للقمة العربية تأسيس جسور للتواصل العربي المستمر وتفادي تنافر المصالح بين الدول العربية.