بدأ وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس، جولته الأفريقية بدعوة لوقف المعارك وتأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى جنوب السودان حيث تخشى الأممالمتحدة حصول إبادة عرقية ومجاعة بعد أشهر من النزاع الداخلي. وقال كيري للصحافيين بعد لقائه نظرائه الإثيوبي والكيني والأوغندي في العاصمة الإثيوبية: «أعتقد أنه من الواضح أن كل العالم متفق على القول إن المذابح يجب أن تتوقف ويجب السماح بوصول المساعدات الإنسانية» للشعب. وحذر كيري من خطر حدوث عملية إبادة في جنوب السودان إذا لم تتوقف الحرب الأهلية. وقال: «هناك مؤشرات مقلقة للغاية بأن عمليات قتل على أسس إتنية وقبلية وقومية تجري (في جنوب السودان)، ما يثير أسئلة خطيرة. وإذا ما استمرت عمليات القتل بهذه الطريقة، فيمكن أن تشكّل تحدياً خطيراً للغاية للمجتمع الدولي يتعلق بمسألة الإبادة». وتستضيف أديس أبابا محادثات لا تزال غير مثمرة حتى الآن، بين حكومة رئيس جنوب السودان سلفاكير والمتمردين بقيادة نائبه السابق رياك مشار. وطغى النزاع في جنوب السودان على المحادثات التي أجراها وزير الخارجية الأميركي مع نظرائه الأفارقة، حيث تم بحث إجراءات مثل احتمال إرسال جنود من دول المنطقة إلى جوبا. وكان كيري وصل مساء أول من أمس، إلى العاصمة الإثيوبية حيث بدأ جولته الأفريقية الأولى التي ستقوده حتى الخامس من أيار (مايو)، إلى جمهورية الكونغو الديموقراطية وأنغولا لكي يبحث أيضاً النزاعات في أفريقيا الوسطى والصومال وجمهورية الكونغو. وكان ديبلوماسي من الوفد المرافق لوزير الخارجية الأميركي قال في وقت سابق إنه في ما يتصل بجنوب السودان، الدولة الفتية التي نشأت في تموز (يوليو) 2011 في رعاية الولاياتالمتحدة، سيدفع كيري «الطرفين (المتنازعين) إلى احترام اتفاق وقف الأعمال الحربية الذي وقعاه ولم يحترماه أبداً». وكان اتفاق لوقف النار وقِّع في 23 كانون الثاني (يناير) الماضي، في أديس أبابا لكنه ظل حبراً على ورق. واستؤنفت المفاوضات الإثنين الماضي في العاصمة الإثيوبية. وتدور المواجهات التي خلفت آلاف القتلى منذ منتصف كانون الأول (ديسمبر) الماضي، بين قوات سلفاكير وأنصار مشار، تخللتها مجازر وتجاوزات بحق المدنيين على خلفية قبلية انطلاقاً من انتماء سلفاكير ومشار إلى قبيلتي الدينكا والنوير، الكبريين في البلاد. وقال الديبلوماسي الأميركي: «يعتقد الطرفان أنهما يستطيعان حسم (النزاع) عسكرياً»، معتبراً أن النزاع في جنوب السودان «ليس معركة بين الدينكا والنوير، بل هو معركة شخصية بين رياك مشار وسلفاكير». وأوضح أن واشنطن «ستوجه رسائل شديدة اللهجة إلى الطرفين مفادها أنهما سيتحملان المسؤولية إذا لم يتخذا التدابير الضرورية لوضع حد للأعمال العسكرية»، لكنه لفت إلى أن كيري لن يعلن فرض عقوبات على الجانبين، على رغم أن الإدارة الأميركية «تعمل على لائحة بأسماء أفراد»، علماً أن الإطار القانوني لهذه العقوبات جاهز منذ أن وقع الرئيس باراك أوباما مرسوماً رئاسياً في الثالث من نيسان (أبريل) الماضي في هذا الخصوص. على صعيد آخر، توقفت المفاوضات الرامية إلى إحلال السلام بين الحكومة السودانية ومتمردي ولايتي النيل الازرق وجنوب كردفان أمس، بعد توجيه اتهامات جديدة الى الخرطوم بشن هجوم عسكري. وقال رئيس وفد المتمردين ياسر عرمان: «تعرضت مناطقنا للقصف طوال أكثر من 16 ساعة من جانب الحكومة السودانية، وثمة هجوم كبير».