حذر اختصاصيون وأطباء من ازدياد مؤشرات الطلب على العقاقير النفسية والمهدئات بأنواعها المختلفة في الآونة الأخيرة، حتى وصل الحال ببعض السعوديين إلى تبادلها في مجالسهم العامة كالمسكنات، من دون الاهتمام بضرورة تشخيص مسببات تناولها ومن ثم وصفها لكل شخص على حدة، ما اعتبروه عاملاً مهماً لتأكيد تزايد نسبة التعرض للأمراض النفسية مثل القلق والاكتئاب لدى السعوديين. وأكد أطباء وصيادلة ل «الحياة» ارتفاع الطلب على العقاقير النفسية بكل أشكالها، بل إن البعض يطلب أدوية لا يسمح بصرفها إلا من طريق وصفة طبية، بناء على نصيحة من صديق أو صديقة. وقال الطبيب الصيدلي أيمن الخولي ل «الحياة»: «في اليوم الواحد نبيع علبتين من الأدوية المضادة للاكتئاب، عدا الحبوب المنومة، والأكثر خطورة أن هناك من يأتينا طالباً عقاقير لا تصرف إلا من طريق طبيب مختص، لأنها تدخل ضمن الأدوية التي قد تؤدي إلى الإدمان، ويلح علينا الطلب من دون وصفة، فقط لأنه سمع من صديق عن فاعلية هذا الدواء». وأضاف : «ربما هناك نسبة تصل إلى 20 في المئة ممن يتحلون بثقافة العلاج النفسي، وحين يسألنا أحدهم عن دواء معين ونقول له لا بد من وصفة يتفهم ويذهب للطبيب، غير أن النسبة الأكبر لا تعيرنا اهتماماًَ». ووافقه الرأي، الصيدلي هيثم الزمزمي قائلاً: «كثيراً ما يمر علينا زبائن يسألون عن أدوية تخرجهم من المزاج السيئ، ويتعرضون في سؤالهم إلى عقاقير نفسية متنوعة من المهدئات والمنومات، إلا أن النسبة الأكبر تطلب أدوية الاكتئاب، التي نبيع منها نحو علبتين يومياً، إلى أشخاص من أعمار وأجناس مختلفة، غالبيتهم سيدات». أما استشاري الأمراض النفسية الدكتور جمال الطويرقي فعلق على الموضوع مؤكداً أن مرض الاكتئاب سبق أمراض القلب في العالم. وقال: «الاكتئاب والقلق كثير في العالم وليس في السعودية فقط بحسب تصريحات منظمة الصحة العالمية التي تؤكد أن 60 في المئة من العالم مكتئب، ربعهم فقط مع الأسف من يذهب إلى العيادة لطلب المساعدة». وانتقد في حديث إلى «الحياة» المفهوم الخاطئ في التعامل مع الأمراض النفسية، إضافة إلى الاعتقاد السائد بأن من يعالجه طبيب نفسي ضعيف الإيمان، موضحاً أن هذا غير صحيح البتة لأن سيدنا يعقوب في سورة يوسف وصف بجميع مراحل الاكتئاب بدقة كقوله تعالى «حتى تكون حرضاً أو تكون من الهالكين» والحرض أنه بات جلداً على عظم، بسبب توقفه عن الطعام وحال الحزن والتذكر وكثرة البكاء التي عاشها. ولفت إلى وجود شريحة كبيرة من المجتمع لا تزال جاهلة بأساليب العلاج النفسي، وتتعاطى الأدوية بناء على نصائح الآخرين، من دون استشارة الطبيب. وطالب الطويرقي بتوخي الحذر من سوء استخدام الأدويه النفسية التي قد يسبب بعضها الإدمان. وقال: «لا بد أن تصرف تلك الأدوية بواسطة اختصاصي حتى لا يساء استخدامها، كما تجب مراقبة الأطباء الذين يوصفونها ومحاسبتهم».