ضمن نشاطات ثقافية وفنية كثيرة تشهدها السعودية، جاءت الدورة الرابعة لمبادرة 21/39 في جدّة تحت عنوان «سفر»، واستضافت عدداً من المتخصصين والمهتمين في مجالات الفن، والمسؤولين عن بعض مؤسساته من خارج البلاد. احتوى برنامجها على عروض ومحترفات وندوات ومحاضرات، إضافة إلى فقرة استيعادية عنوانها «الماضي كمقدمة» لخّصت أجواء الدورة الأولى التي شارك فيها روّاد الفن السعودي وبعض أسماء الجيل الثاني المؤثر مثل عبدالحليم رضوي ومحمد السليم وعبدالجبار اليحيا وعبدالله الشيخ وصفية بن زقر وعلي الرزيزاء وكمال المعلم وعبدالحميد البقشي ومحمد الرصيص. وبالمقابل، أقيم معرض آخر بعنوان «المعلقات» ضمّ أعمالاً لعدد من الفنانين والفنانات، في ظلّ غياب مستمرّ (من الدورة الماضية) لأعمال الروّاد وأعمال الجيل الثاني. ومن الأهمية إضافة عروض مشتركة أو فردية سنوية لأسماء من أجيال سابقة، ساهمت في التأسيس لحركة الفنون التشكيلية في المملكة، كأن تقام معارض تكريمية أو معارض ثنائية أو فردية، ينظم المبادرة مجلس الفن السعودي الذي ترأسه الأميرة جواهر بنت ماجد التي أنشأت واحدة من المؤسسات الفنية العربية المهمة وهي المنصورية للثقافة والإبداع. شهدت مدينة جدة أيّام الاحتفاء بالدورة، الجديد من المبادرة بأنشطة ومعارض مواكبة استضافتها بعض المؤسسات والقاعات المشاركة منها «أثر» و «حافظ»، كمعرض الفنان عوضه الزهراني (1970) وعنوانه «شقائق بغداد. ويعتبر الزهراني من جيل سعى الى التحديث عبر المنطلقات التجريدية وعلاقات فراغية تعززها بعض الإشارات الخاطفة والاختزال لبعض العناصر أو زهد التلوين، حصل على الماجستير من جامعة «أمّ القرى»، ويشارك على نحو متفرق في معارض محلية وخارجية. وفي سياق آخر، شهد مركز «تسامي» في جدة معرض «منها وفيها»، شارك فيه أكثر من ثلاثين فناناً وفنانة معظمهم من أجيال شابة، بينهم صديق واصل وسيما عبدالحي وسلطان عسيري وخالد بن عفيف وعبدالرحمن مغربي وغادة الربيع وسارة خوجة. وفي دورة المهرجان الوطني للتراث والثقافة في الجنادرية (2017)، كرمت برعاية ملكية الفنانة التشكيلية الرائدة صفية بن زقر1940، وهي أحد أسماء الرعيل الأول (عبدالحليم رضوي ومحمد السليم وعبدالجبار اليحيا ومنيرة موصلي) وكان أول عروضها في مدينة جدة 1968، رفقة ابنة مدينتها منيرة موصلي، وتواصلت نشاطاتها الفردية داخل المملكة وخارجها. وأُنشئت في جدّة دارة تحمل اسمها، وتضم جميع أعمالها الفنية، وبعض الموروث الحجازي، بخاصة الأزياء. تهتمّ صفية بن زقر بنقل الموروث الحجازي، وتوثيقه ورسم مظاهر مجتمع أقدم عاصرته في مدينتَي (مكةالمكرمةوجدة). تتكئ الفنانة في أعمالها على مشاهدات ذاكرتها ومخزونها، وبعض الصور الضوئية وحكايات كبار السن. ظهر ذلك في أعمالها المبكرة منذ 1960، وأعمالها التالية، بعدما التحقت بدراسات حرة في مصر، وبريطانيا. وقد تأثرت بمعالجات بعض الانطباعيين المصريين وبأعمال غوغان، بخاصة في تناولها تيمة النساء؛ وهي ترسم بعض المظاهر الاجتماعية وجوانب من حياتهن. شهدت الاحساء شرقي السعودية معرضاً جماعياً للفنون التشكيلية لمناسبة مهرجان للتمور، شارك فيه عدد من الأسماء من مختلف مناطق المملكة ومدنها، مستضيفاً فنانين وهواة، رسم بعضهم لوحاته أمام الجمهور خلال أيام المهرجان، ما أثار نوعاً من الحوار والتشجيع. وتركز مثل تلك المناسبات غالباً على الشباب وبعض المبتدئات، من بين المشاركين في المعرض عبدالحميد البقشي واحمد السبت ويوسف إبراهيم وتوفيق الحميدي وعدد آخر تجاوزت أعمالهم المائة لوحة. في الدمام، نظّم فرع جمعية الثقافة والفنون في قاعته (عبدالله الشيخ) معرضاً خاصاً لأعمال الفنان ميرزا الصالح 1953 وهو أحد أسماء الجيل الثاني في المملكة، وبداياته السبعينية المبكرة كانت تحمل بذرة فنية أكدها في مشاركاته المتلاحقة مع الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وجمعية الثقافة والفنون بعد تخرجه في معهد التربية الفنية بالرياض، تتجه اهتمامات ميرزا الصالح الى الاستفادة من الفنون الإسلامية في تشكيلاتها الزخرفية التي يسعى لتطعيمها ببعض الصور المباشرة كطائر أو رأس حصان أو نباتات وزهور وغيرها، عمل معلماً لأكثر من ثلاثة عقود، تفرغ بعدها للفن وإقامة معارضه الشخصية. أطلق الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية مبادرة فنية تحت مسمى «نقوش الشرقية»، تهدف الى مشاركة فناني المنطقة في تصميم وإنشاء المنحوتات والمجسمات الميدانية وتجميل المباني والمرافق ومشاركة أطفال المدارس في جوانب تتلاءم وقدراتهم وبما يحقق عملية تربوية وفنية وذوقية، والاهتمام بالجانب الجمالي في مشاريع المنطقة الشرقية وغيرها، وحضر إطلاق المبادرة عدد من الفنانين الذين تحدثوا عن سرورهم وحرصهم على المساهمة بما يحقق مزيداً من التذوق والجمال.