حتما سينتابك الذهول من الوهلة الأولى عند دخولك معرض فن جدة «21.39» الذي أقيم في «جولد مور» الذي يهدف إلى الترويج للفن والثقافة، وذلك بتنظيم من المجلس الفني السعودي الذي ترأسه صاحبة السمو الملكي الأميرة جواهر بنت ماجد بن عبدالعزيز آل سعود. أكثر من 60 فنانا وفنانة من جيل الرواد وجيل الشباب بأكثر من 80 عملا فنيا مختلفا في طرحه لتسليط الضوء على تطور حركة الفن المحلية، ويستمر شهرين، حيث وصل الزوار إلى أكثر من 5000 زائر وزائرة، بالإضافة إلى استضافة أكثر من 6000 مدرسة بنين وبنات من القطاع الحكومي والخاص والعالمي عبر رحلات مدرسية تكفل بها المجلس الفني السعودي، إنها تظاهرة فنية وتشكيلية تستحق التأمل للارتقاء بالساحة التشكيلية السعودية، إضافة إلى الرقي بالذائقة اللونية لكافة أطياف المجتمع، ناهيك عن ما ستحدثه من حراك ومنافسة فنية بين الفنانين والفنانات أنها معادلة ثقافية استطاع المجلس الفن السعودي أن يحققها من خلال المعرض، والذي حوى بين جنباته العديد من الأعمال المتحفية لكبار التشكيليين السعوديين ورواده الذين أسسوا للفنون الجميلة في بلادنا في جزء المعرض المعنون «الماضي كمقدمة»، ومنهم الراحلان الدكتور عبدالحليم رضوي، محمد سيام، والفنانة صفية بن زقر، طه صبان، ضياء عزيز ضياء، محمد الرصيص، عبدالله حماس، بكر شيخون، منيرة موصلي، عبدالرحمن السليمان، أحمد فلمبان، علي الرزيزاء، والنحات علي الطخيس، وعبدالله الشيخي، وعبدالحميد البقشي، عبدالجبار اليحيا، عبدالله نواوي، بينما حوى الجزء الثاني لوحات لفنانين شباب بعنوان «معلقات»، كان أبرزهم عبدالعزيز عاشور، مهدي الجريبي، صديق واصل، مساعد الحليس، أحمد ماطر، تغريد البقشي، الدكتورة عفت فدعق، جوهرة آل سعود، إبراهيم أبو مسمار، منال الضويان. يعد معرض «فن جدة» حركة شاملة لفنون فكرية وثقافية مزجت بين فنون الماضي واستشراف المستقبل الفني للوصول إلى الحداثة اللونية بفكر تأصيلي وتراث قيم نابع من أصالة وترث هذا الوطن المعطاء؛ رغبة من القائمين على المعرض في صياغة نظريات جديدة أكثر قدرة على قراءة نص المشهد الفني العالمي بروح تراثية قيمة. ولعل اتساع فنون الحداثة ووصولها إلى استشعار مكامن الجمال بطرق أكثر اختلافا جعل توقيت طرح المعرض مناسبا في ظل توهان العديد من محبي ومتذوقي الفنون الجميلة في المملكة عن ماهية فنون الحداثة وعن طرائق الفن المعاصر وتشابه أنماطه وطرحه للأفكار ومناقشته للقضايا الاجتماعية بأسلوب جمالي ولوني. عن المعرض أكدت الأمير جواهر بنت ماجد بن عبدالعزيز أن الثقافة هي زاد الأمة الروحي ودلالة تميزها تاريخيا وحضاريا، وقالت «إنه سبب لإنشاء مجلس الفن السعودي الذي يعد بمثابة مبادرة لا تعمل من أجل الربح وإنما بهدف تعزيز مسيرة الفن والثقافة في جدة». وأضافت الأميرة جواهر أن المجلس يعتمد في إدارته على أيدي مجموعة من المتحمسين للفن السعودي، مشيرة إلى أن المجلس سيسهم بشكل فاعل في تحقيق تطلعات المجتمع السعودي. وعن مسمى المعرض «21.39» كشفت الأميرة جواهر عن أن الاسم استنبط من الإحداثيات الجغرافية لمدينة جدة، وأنه لا يقتصر فقط على تعزيز الوعي بالفنون والثقافة في جدة، بل يعمل على توفير منصة تعريف محلية ودولية بالفن السعودي والمشهد الثقافي في المملكة بشكل عام، وذلك من خلال إيجاد منبر عام ومفتوح لكافة الفنانات والفنانين السعوديين ليعبروا من خلاله عن أنفسهم وتطلعاتهم، مؤكدة أنها تطمح شخصيا إلى أن تؤسس في المستقبل منبرا مستداما يعزز الحوار ما بين الفنانين والإقليميين والدوليين، وذلك في سبيل جعل مدينة جدة وجهة للثقافة العالمية. المعرض خرج برؤية حمزة صيرفي، والذي أكد بدوره على أن فكرة مجلس الفن السعودي هي فكرة رائده وستسهم بشكل فاعل في زيادة حركة الفن الجميل في محافظة جدة، والتي فعلا تستحق كونها تحمل بين جنباتها العديد من الفنانين والفنانات الذي أثروا بفنونهم في المشهد التشكيلي السعودي وأصبحوا علامات فارقة في الثقافة السعودية، وأشار الصيرفي إلى أنه لا بد من وجود تفاعل بين أصالة الفن في المملكة والفنون المعاصرة وربطها ببعض، كونها جزءا لا يتجزأ من العالم وأصبح العديد من فنانينا وفناناتنا معروفين على نطاق واسع وبتضافر الجهود سنصل بفننا إلى العالم أجمع. المعرض، بشكل عام، وجد ترحيبا وقبولا من العديد من الفنانين والفنانات ومحبي ومتذوقي الفنون البصرية في جدة، إضافة إلى استضافته لعدد من الفنانين والفنانات من مختلف مناطق المملكة ودول الخليج العربي، وقد أشرف على تنظيم المعرض كل من آية علي رضا، ورنيم زكي فارسي، ومشاركة أعضاء المجلس: سارة علي رضا، ونواف نصار، وآخرين.