من أهم الأمور التي من المفروض أن تحيد بي عن الحديث عن سياسة تعامل مسؤولينا الرياضيين مع شؤون منتخبنا السعودي الأوّل، ليس عدم تخصصي في النواحي الفنية، وليس لأنني أعلم أن ما نقوله باعتبارنا نقّاد الوسط الرياضي قد يذهب سدىً مع الريح، ولكن لأن كل ما قد يتم عمله للمنتخب الأول، مهما كان صحيحاً، فلن يعدو كونه نجاحاً وقتيّاً لمجموعة من اللاعبين، وانتهي الأمر! ومن ثم نعود للعمل نفسه من جديد مع مجموعة جديدة من اللاعبين، يعانون نفس مشكلات سابقتهم! ما أريد أن أقوله هنا، هو أننا إذا لم نتسيّد الخليج.. وآسيا.. ومن ثم نصل لمستويات عالمية قويّة لمنتخب الناشئين، وبعدها بسنتين أو ثلاث، ننجز الإنجاز نفسه على مستوى الشباب، ومن ثم أيضاً بعدها بسنتين أو ثلاث على مستوى المنتخب الأولمبي، فسنكون مثل الذي ينفخ في "قربة مشقوقة". روافد منتخباتنا الأولى، هي منتخبات الفئات السنيّة، وبما أن منتخباتنا السنّية لا تنجز، فهناك خلل، وهذا الخلل لن يقف عند المنتخبات السنية نفسها، بل سيمتد من دون شك إلى المنتخب الأول، وسنظل نحن الشعب السعودي المكوّن من 25 مليون نسمة، وبإمكاناتنا الضخمة، "نشيل" هم مباريات أمام منتخبات دول أقل منّا وفرة وقوّة، سواء من ناحية الموارد المالية، أو من ناحية الموارد البشرية. التخطيط الاستراتيجي - وهي كلمة لم تُعطَ حقّها في مجالنا الرياضي حتّى الآن - من أهم الضروريات التي يجب أن نركّز عليها في رياضاتنا جميعها، خصوصاً رياضة كرة القدم، الرياضة الأولى على مستوى العالم وليس المملكة فحسب. ما المشكلة من أن نقوم بخطّة استراتيجية قوية وشاملة، خالية من المجاملات، فيها كل ما له علاقة بمبدأ الثواب والعقاب، فيها مقاييس واضحة للفشل والنجاح، فيها مدّة زمنيّة صارمة ومدروسة ونهائية، فيها حرص وطني نابع من القلب، فيها رغبة جامحة للوصول إلى القمّة؟! والله إنّها حسرة ليس مثلها حسرة، أن نرى أمماً كانت عمّا قريب تفرح بالتعادل معنا، والآن أصبحنا نحن من يفرح بالتعادل معها!... حسرة أن يمر الوقت ونحن ما زلنا نخوض معارك قصر النظر، ونظن أن لهذه المعارك فائزاً، مع أنّها معارك كل أطرافها فاشلون! والله إنّها حسرة أن يغضب المخطئ من سماع كلمة "أنت مخطئ"، لمجرّد أنه يعتقد أنه مختلف عن بقية بني آدم، الخطّاءين! حسرة أن نرى موازناتنا تفنى مع الوقت في أمور تكتيكية قصيرة الأمد، بينما يمكننا استخدامها لنجاحات استراتيجية طويلة الأمد وبكل سهولة، وكل ما نحتاجه أن ننزل من أبراجنا العاجية لوهلة من الوقت، ونعترف بأننا لن نصل إلى ما نريد بما نفعله الآن. منتخبات المستقبل لن تختلف عن منتخبات الحاضر، طالما لم نقم بعمل مختلف. وواحد + واحد = 2... ومن يقول غير ذلك مخطئ، ولن أقول كاذب أو واهم. www.almisehal.net