تشكل المعارك الضارية بين القوات العراقية و «داعش» في الجانب الغربي للموصل نقطة تحول فاصلة في مسار الحرب على التنظيم، وأعلن قائد عسكري عراقي أن قواته اقتربت من السيطرة على منارة الحدباء الأثرية. وتمكن الجيش من استعادة نحو نصف مساحة هذا الجانب بوتيرة متسارعة، لكنه يواجه مقاومة غير مسبوقة قرب جامع النوري الذي أعلن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي من منبره «دولة الخلافة». (للمزيد) وقال قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت في بيان أمس، إن «قواتنا قاب قوسين أو أدنى من تحرير منارة الحدباء ثاني أهم الأهداف الاستراتيجية في الجانب الأيمن للموصل، بعد تحرير المباني الحكومية». وأضاف أن «الطائرات المسيرة القاصفة والقاذفات الأنبوبية تواصل استهداف دفاعات داعش في محيط المنطقة، وأسفرت عن قتل العشرات من الإرهابيين وتدمير 23 آلية مفخخة، أو مجهزة أسلحة ثقيلة و12 مربضاً للمضادات الجوية و7 مفارز هاون»، وأكد «اعتقال المدعو حسام شيت مجيد شيت الجبوري، مسؤول ما يسمى ديوان الحسبة في منطقة باب السجن». وأفاد نائب قائد الشرطة الاتحادية اللواء الركن جعفر البطاط بأن «الساعات المقبلة ستشهد استكمال الطوق على المدينة القديمة الواقعة بين الجسر القديم وجسر الحرية، وذلك من جهتي نهر دجلة وكراج بغداد باتجاه الباب الأبيض». وأضاف أن «التقدم جيد، على رغم مهاجمة الإرهابيين بعشرات العربات المفخخة وقدائف الهاون، خصوصاً أن جهاز مكافحة الإرهاب لم يحقق التماس حتى الآن مع الشرطة، فضلاً عن الظروف الجوية السيئة في المنطقة»، ولفت إلى أن «جامع النوري والجسر القديم أصبحا في متناول اليد، ولم يعد يفصلنا عنهما سوى 60 متراً فقط». ودارت اشتباكات عنيفة في مناطق السرجخانة والجامع الكبير وأحياء الموصل القديمة وحي اليرموك وفي أطراف منطقة باب البيض، وشوهدت النيران تتصاعد بكثافة، في حين نشر «داعش» وحدات من القناصة فوق أسطح المباني في محيط دائرة المواجهات. من جهة أخرى، أكد الناطق باسم القوات العراقية العميد يحيى رسول استمرار «التقدم في حيي الرسالة ونابلس، وشن التنظيم هجومين في الحيين، لكن القوات صدتهما وقتلت عدداً من الإرهابيين، واعتقلت ثلاثة عناصر من جنسيات أجنبية». وقال المحلل هشام الهاشمي إن ما يدور في الموصل «معركة شوارع مغلقة حيث الاعتماد على قوات النخبة الراجلة وقدرتها على المناورة، ويصبح تأثير الطائرات والمدفعية والراجمات والدبابات سلبياً، يقتل الأهالي ويدمر المدينة، من دون قصد، وإنما يكون استعمال النيران الثقيلة إيجابياً في الشوارع المفتوحة وفي عمليات قصف محددة». وتابع أن «خسارة داعش منطقة الكورنيش والجسر القديم شكلت ضربة كبيرة لداعش الذي انكفأت عناصره إلى عمق المدينة القديمة، ومنذ إطلاق المرحلة الثالثة قبل أربعة أسابيع لعبت قوات الشرطة الاتحادية دوراً محورياً في الجهة الجنوبية والشرقية، من دون أن تتمكن من السيطرة عليها خلال عشرة أيام من المعارك، إلا أن قوات الرد السريع ستنجح بعدما انتزعت ضفة النهر الشرقية». وقال ناشطون ومواقع إخبارية محلية إن نداءات استغاثة أطلقها سكان المناطق القديمة، وسط كثافة القصف المتبادل الذي أوقع المزيد من الضحايا المدنيين تحت الأنقاض، في ظل أنباء عن نقص حاد في الغذاء والماء. وحذرت تقارير منظمات محلية ودولية من أن المخيمات المعدة لاستقبال النازحين ضاقت بهم، وزاد عددهم على 170 ألفاً، يضاف إليهم أكثر من 200 ألف آخرين نزحوا من الجانب الأيسر.