تحتضن دار الأوبرا السلطانية في العاصمة العمانية مسقط في 23 الجاري العرض الأول لأوبريت «بردة البوصيري» التي تقدم للمرة الأولى في إطار أوبريت غنائي تمثيلي يجمع بين القصيدة التراثية التي خطها الإمام محمد بن سعيد البوصيري في القرن السابع الهجري، فُعدت أفضل ما كُتب في مديح النبي (صلى الله عليه وسلم)، مقدمة بلحن عصري للموسيقي ممدوح الجبالي يقود به الأوركسترا الموسيقي أمير عبدالمجيد، وبرؤية درامية حول الإطار العام الذي كتبت فيه القصيدة يقدمها المخرج محمد حسان. «الحياة» التقت مخرج العرض للتحدّث عن العمل «الذي يعد جزءاً من مشروع نهضوي يعمل على إعادة تقديم نصوص تراثية في إطار حديث يعيد الاعتبار إلى الكلمة واللحن والأداء على السواء ويضم حتى الآن 10 نصوص» وفقاً لحسان. بدأ الأخير العمل على المشروع قبل سنتين، حين كان الجبالي يعمل على إعادة تلحين قصائد تراثية منها «فتح عمورية» لأبي تمام، ففكرا في إعادة تلحين البردة بصورة أكثر عصرية تدمج فنوناً عدة. عن ذلك يقول حسان: «كل من قدم البردة قبلنا تعامل معها بشيء من الرهبة وغلفها بإطار من الهيبة والفخامة عبر لحن معين وأداء بطريقة تعتمد على جهارة الصوت مع وقوف المغني والكورال على المسرح بصورة خشبية ثابتة بصورة أقرب إلى الأسلوب اليوناني الإغريقي القديم قبل ألفي عام، بحيث يكون التكوين هو البطل في العرض وليس النص. وهذا ما حاولنا تجاوزه من خلال النزول بهذا النص من هيبته لمصلحة موضوعيته عبر اللحن الذي يجمع بين الكلاسيكية بمفهوم الآلات الأصيلة ومنح اللحن حقه بعيداً من الموسيقى الإلكترونية الحديثة، وفي الوقت نفسه في إطار عصري يستطيع أن يندمج فيه المستمع دون أن يغلب عليه ذلك التكوين الجامد». يضم فريق العمل عدداً من أبرز الأصوات في مصر: ريهام عبد الحكيم، محمد محسن، أجفان الأمير، محسن فاروق، والمطربة الصاعدة سهيلة بهجت التي عرفها الجمهور للمرة الأولى خلال مشاركتها في برنامج «ذا فويس كيدز»، مع المنشد المحمدي والمبتهل التنزاني يحيى بيهاقي حسين. وتولى التوزيع الموسيقي حمادة الموجي. فيما يضم فريق التمثيل حمزة العيلي في دور الإمام البوصيري ومحمد لطفي في دور صاحب القصر. ويصب الدمج بين التمثيل والغناء في خانة تقديم صورة كاملة عن البردة وليس فقط تناقل النص التراثي المنتشر، وساعدت في ذلك مخطوطة أصلية ملونة للبردة كتبها البوصيري بنفسه وفي خمس أوراق منها تقديم للأوضاع آنذاك وأجواء كتابتها. ويقول حسان الذي يهوى جمع التراث لإتاحته للجمهور مجاناً عبر الإنترنت: «أتاحت أوراق البوصيري مادة درامية ثرية استطاعنا من خلالها كتابة النص». أقام البوصيري، طبقاً للمخطوطة، في منطقة أبو صير بجوار هرم سقارة (غرب القاهرة)، وانتقل منها إلى مديرية دمنهور (شمال مصر) وتولى منصب مدير مديرية دمنهور (منصب المحافظ حالياً) التي كانت تعاني السرقة والفساد. وخلّفت مواجهة البوصيري لذلك عداوات عدة وأحداثاً درامية إلى أن ابتعد من دمنهور إلى الإسكندرية واتجه فيها إلى الرسم والتخطيط، لكنه أصيب بشلل نصفي. عندها رأى الرسول في الرؤية، أو ترآى له، فأمره أن يكتب البردة وبعدها شُفي. عن إنتاج العرض الذي تبلغ مدته 75 دقيقة قال حسان: «العرض إنتاج ذاتي. فبعد اختيارنا فريق العمل عرضنا على أفراده المشروع على أن يؤجل منحهم الأجر بعد بيع ليالي عرضه. وافقوا دون تردد خصوصاً بعدما استمعوا إلى الألحان وشرحنا لهم الرؤية، وعملنا كفريق عمل يضم أكثر من 100 شخص يجمعنا الإيمان بالفكرة والتقدير لقيمة ما نقدم». ولفت مخرج العرض إلى موافقة اثنين من المخرجين المميزين على العمل معه كمساعدَين، الأول المخرج ماهر محمود الذي حصل على جوائز عدة في الإخراج، والثاني رضا حسنين الذي يناقش رسالة دكتوراه في الإخراج المسرحي قريباً وذلك «إيماناً بالفكرة التي نزعت عن فريق العمل الحساسيات الشخصية وغلفت الفريق بإطار من المحبة».