بعدما كانت الصناديق السيادية حكراً ذات يوم على الدول الغنية المصدرة للنفط أو تلك التي تتمتع بفائض تجاري مثل الكويت والنرويج وسنغافورة تنشأ سلالة جديدة لم تكن متوقعة من الصناديق في دول تعاني من عجز كبير وديون ضخمة. وفي العادة تتمتع صناديق الثروة السيادية، التي نشأت للمرة الأولى في الخمسينات، بقوة مالية ضخمة. وتتحكم الصناديق في نحو 6.5 تريليون دولار وفق بيانات شركة «بريكين» للبحوث وأحدثت تحولاً في المشهد الاقتصادي العالمي عبر شراء الحصص في الشركات المتعددة الجنسية والعقارات الشهيرة في مدن شتى من لندن إلى ملبورن. وتعكف تركياورومانياوالهند وبنغلادش على تدشين صناديق سيادية لكن لأسباب تختلف كثيراً عن المألوف وبآليات مختلفة تماماً. إذ جرت العادة أن تستخدم الدول الغنية صناديق الثروة السيادية لاستثمار فوائضها البالغة بلايين الدولارات في الخارج لمنع حدوث تضخم في الداخل وتنويع مصادر الدخل وجمع مدخرات تحسباً لليوم الذي تنفد عوائد السلع الأولية. وفي تناقض صارخ فإن الدول التي تدشن الصناديق الجديدة، وهي مثقلة بعجز كبير في ميزان المعاملات الجارية أو ديون خارجية، تستخدمها كأداة لتحريك اقتصادها في مواجهة تباطؤ عالمي وانخفاض حجم التجارة. وبدلاً من ضخ الأموال في الخارج فإن الخطة هي جذب التمويل من الخارج واستثماره في الداخل لتحفيز النمو. وقال إليوت هنتوف رئيس بحوث المؤسسات الرسمية لدي شركة «اس اس جي ايه» لإدارة الأصول إن «صندوق الثروة السيادية مصطلح يستخدم على نحو فضفاض للغاية في وصف بعض تلك الكيانات الجديدة، إنها أشبه بالشركات السيادية القابضة. إنهم في حاجة للتحرك - إنهم في حاجة إلى استثمار مشترك مع القطاع الخاص كي يعملوا». وهناك فوائد وأخطار محتملة لهذه الإستراتيجية والوقت وحده كفيل بأن يظهر مدى فاعليتها. يتمثل أحد مزايا تملك صندوق ثروة سيادي في أنه يفتح الباب للاتحادات القطاعية وشبكات النظراء التي توفر المشورة والاتصالات وهي الشيء الأهم في عالم الاستثمار. تعاني تركيا من عجز سنوي خارجي يبلغ نحو 30 بليون دولار ولذا فهي مضطرة لجذب الأموال الأجنبية لسد الفجوة. وتتطلع تركيا، عبر وضع حصص الحكومة في شركات كبرى بصندوق سيادي، إلى جذب التمويل الخارجي عبر الاقتراض بضمان تلك الشركات واللجوء إلى صناديق سيادية أخرى للحصول على المال. وعلى نحو مماثل تعتزم رومانيا تمويل بناء طرق ومستشفيات عبر الاستدانة بضمان قيمة حصص الحكومة في شركات أو عبر بيع الشركات في طرح عام. وتريد الهند وبنغلادش تدشين مشاريع بنية تحتية عبر صناديق سيادية جديدة وتسعى الهند إلى شراكات مع مستثمرين من صناديق الثروة السيادية وصناديق معاشات التقاعد في الصندوق الوطني للاستثمار والبنية التحتية التابع لها. وأثير اقتراح إنشاء صناديق سيادية أخرى في دول مثل لبنان لكنها لم تتأسس بعد.