القاهرة، تل أبيب، أنقرة – «الحياة»، أ ف ب، رويترز، يو بي آي – كشفت تسريبات جديدة لموقع «ويكيليكس» في شأن «البرقيات الديبلوماسية الأميركية السرية» أن الرئيس المصري حسني مبارك اقترح على الولاياتالمتحدة أن تجد «ديكتاتوراً عادلاً» لحكم العراق، وأكد أن مصر يمكن أن تبدأ برنامجاً نووياً عسكرياً، إذا تزودت إيران سلاحاً نووياً. وورد ذلك في محضر أعدته السفارة الأميركية في القاهرة للقاء عقد في أيار (مايو) 2008 بين مبارك ووفد من البرلمانيين الأميركيين، وعرض فيه مبارك تصوره لتحقيق الاستقرار في العراق بعد خمس سنوات من سقوط حكم صدام حسين قائلاً: «عززوا القوات المسلحة، وخففوا قبضتكم وحينها يحدث انقلاب عسكري وسيكون لديكم ديكتاتوراً، لكن شخصاً عادلاً». وأضاف ناصحاً ضيوفه الأميركيين: «انسوا الديموقراطية؟ العراقيون بطبيعتهم طباعهم حادة جداً»، فيما لم يخفِ قلقه من احتمال تزود إيران سلاحاً نووياً، وقال: «كلنا مرعوبون، وسنرغم على بدء برنامج نووي عسكري إذا نجحت إيران في صنع سلاح نووي». سورية وتركيا الى ذلك، أفاد الموقع الإلكتروني لصحيفة «يديعوت أحرونوت» أن برقيات ديبلوماسية أميركية سربها «ويكيليكس» أظهرت أن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي السيناتور جون كيري أبلغ مسؤولين قطريين في شباط (فبراير) 2010 أن مرتفعات الجولان يجب أن تعود إلى سورية، وأن القدسالشرقية يجب أن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية. ونقلت عن كيري أيضاً قوله إن «الرئيس السوري بشار الأسد يواصل تزويد حزب الله اللبناني السلاح والتدخل في الشؤون اللبنانية»، لكنه وافق على كلام أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بأنه «يجب التركيز على سورية للتوصل إلى اتفاق سلام بين العرب وإسرائيل». وأشار كيري الى أن الأسد يجب أن يتخذ قرارات صعبة، وأن يقبل نتانياهو بالتسوية وإعادة مرتفعات الجولان كجزء من معادلة سلمية. وعن القدس، قال كيري الذي لم يتحدث باسمه في اللقاء بل عرض سياسة الإدارة الأميركية، إن «الإشراف على المسجد الأقصى واعتبار القدسالشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية أمران لا يمكن المساومة عليهما بالنسبة الى الفلسطينيين، فيما لن تساوم إسرائيل على عدد من المسائل، مثل الطابع اليهودي لدولتها، وعدم إيجاد حل لنزع السلاح وحدود الدولة الفلسطينية إلاّ عبر المفاوضات». وفي وثيقة جديدة عن تركيا، نشرت «ويكيليكس» رسالة بعثتها السفارة الأميركية في أنقرة في شباط 2009 أكدت دعم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الكامل لإيران، وعمله على ترتيب عقود مشاريع لبعض المقربين منه في إيران، خصوصاً في مجال الطاقة، على رغم أن هذه المشاريع لم تنل إعجاب الإيرانيين دائماً. ومنح عقد مد أنبوب لنقل الغاز الإيراني إلى أوروبا عبر الأراضي التركية الى شركة محلية تحمل اسم «سوم بترول» التي يملكها رجل الأعمال صدقي أيان، وهو صديق شخصي لأردوغان وزميله السابق في المدرسة الثانوية الدينية. وتضمن الاتفاق، وقيمته بليون يورو، إنشاء خط أنابيب للغاز طوله 660 كيلومتراً. وكشفت وثيقة أخرى، أن عقد توريد الطاقة الكهربائية من إيران إلى تركيا رسى على شركة كهرباء «سافك» التي يرأسها رجل الأعمال سيهان كامر، المقرب من أردوغان أيضاً، علماً أن شركة «كارتيت» التركية للكهرباء كانت تقدمت بطلب ترخيص لاستيراد الطاقة من إيران لكنها لم تحصل على الموافقة اللازمة، وتفاجأت من إرساء عقد توريد الطاقة على شركة «سافك». وتحدثت وثائق أخرى عن وجود ثمانية حسابات بنكية سرية في سويسرا لأردوغان، وأنه محاط بمستشارين متملقين وفاسدين وليس لديهم أي وعي سياسي. على صعيد آخر، نفى الرئيس عبدالله غل ما أوردته «ويكيليكس» عن إبلاغه السفير الأميركي في أنقرة أن «خلافاً سياسياً صامتاً يطغى على العلاقات بينه وبين رئيس الوزراء أردوغان. وقال غل إن «الصداقة القديمة لا يمكن أن يصيبها ضعف». وفي تسريبات أخرى عن إيران، أوردت إحداها أن الاستخبارات الكندية أجرت اتصالات بوزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية عام 2008، بناء على طلب الأخيرة التي عرضت تقديم مساعدة في أفغانستان. وتحدثت الوثيقة التي نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» عن لقاء عقد في أوتاوا في الثاني من تموز (يوليو) 2008 بين رئيس جهاز الاستخبارات الكندية جيم جود ومستشار وزارة الخارجية الأميركية ايليوت كوهين، مشيرة الى أن جود أبلغ المسؤول الأميركي أن إيران تثير «قلقاً كبيراً» لدى الجهاز الذي «تحدث أخيراً الى وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية، بعدما طلبت الأخيرة فتح قناة اتصال مع كندا». وأوردت البرقية الديبلوماسية التي بعثت بها السفارة الأميركية في أوتاوا أن «الإيرانيين وافقوا على مساعدة كندا في قضايا أفغانية، على أن يشمل ذلك تقاسم معلومات في شأن اعتداءات محتملة. لكن جود لم يفهم ماذا يريدون تحديداً، مرجحاً أن الإيرانيين يريدون استنزاف الحلف الأطلسي (ناتو) في أفغانستان ببطء». وأمس، دعا الناطق باسم وزارة الخارجية رامين مهمنباراست دول المنطقة الى «عدم الوقوع في فخ تصديق وثائق ويكيليكس التي تهدف الى بث الفرقة في العالم الإسلامي». وقال: «أظهرت آلاف الوثائق قلق الدول العربية المجاورة من نيات إيران تجاهها، في إطار مؤامرة مريبة من الولاياتالمتحدة لمواصلة زرع هاجس الخوف من إيران وبث الفرقة. لكن مشروعهم لا يهدف إلا الى حماية مصالح النظام الصهيوني وعلى دول المنطقة أن لا تقع في هذا الفخ». وبالانتقال الى الصين، أفادت وثائق رسمية أميركية أن بكين مستعدة لقبول توحيد شبه الجزيرة الكورية، ونقلت عن السفير الصيني في كازاخستان تشينغ غوبينغ قوله خلال عشاء فاخر العام الماضي إن بلاده «تعتبر البرنامج النووي الكوري الشمالي مزعجاً جداً، وأن تأمل بإنجاز إعادة توحيد سلمية، لكنني يتوقع أن يبقى البلدان منفصلين في الأمد القصير». وفي مذكرة أخرى، نقل عن نائب وزير خارجية كوريا الجنوبية شون يونغ وو أن «للصين تأثيراً على كوريا الشمالية أقل مما يعتقد الناس»، مضيفاً أن «بكين لا ترغب اطلاقاً في استخدام الرافعة الاقتصادية لإحداث تغيير سياسي في بيونغيانغ وقادة كوريا الشمالية يعرفون ذلك». ورأى لمسؤول الكوري الجنوبي أن «قادة الحزب الشيوعي الصيني لم يعودوا يعتبرون كوريا الشمالية حليفاً مفيداً أو أهلاً للثقة، لأنها انهارت اقتصادياً وستنهار سياسياً بعد عامين أو ثلاثة أعوام من وفاة زعيمها الحالي كيم يونغ ايل. ولن تستطيع الصين وقف انهيار كوريا الشمالية». الى ذلك، أملت الصين ألا يحدث تسريب برقيات الديبلوماسية «اضطراباً في العلاقات الصينية - الأميركية»، وأن تعالجها واشنطن «في شكل صائب»، علماً أن برقيات أشارت الى أن الصين ضالعة في نقل مكونات صواريخ كورية شمالية الى إيران عبر أراضيها. ودعا الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز وزيرة الخارجية الأميركية كلينتون الى الاستقالة. وقال: «جرت تعرية الإمبراطورية الأميركية، وعلى كلينتون أن تستقيل، على غرار باقي المنحرفين في وزارة الخارجية الأميركية». ورأى زعيم اليسار الراديكالي في أميركا اللاتينية أن «أحداً يجب أن يدقق في التوازن العقلي لكلينتون»، مشيراً بذلك الى برقية للديبلوماسية الأميركية تتعلق بالصحة العقلية للرئيسة الأرجنتينية كريستينا كيرشنر. وتابع إن «الولاياتالمتحدة تهاجم الحكومات ولا تحترمها بما في ذلك حكومات حلفائها»، فيما أشاد «بشجاعة» موقع ويكيليكس. على صعيد آخر، أعلن نائب وزير الخارجية الاكوادوري كينتو لوكاس استعداد بلاده مستعدة لاستقبال جوليان اسانج مؤسس «ويكيليكس» من دون اي مشكلة واي شرط». وقال: «سندعوه للمجيء الى الاكوادور كي يستطيع ان يعرض بحرية، وليس فقط عبر الانترنت، بل ايضاً امام مختلف المنابر العامة، المعلومات التي يملكها وكل الوثائق».