سخرت بريطانيا من اتهامات وجّهها معسكر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أفادت بمساعدتها الرئيس السابق باراك أوباما في التنصت على خلفه، قبل انتخابات الرئاسة الأميركية. وأعلنت لندن أن البيت الأبيض تعهد الامتناع عن تكرار هذه المزاعم. وكان الناطق باسم البيت الأبيض شون سبايسر استشهد بأندرو نابوليتانون وهو محلل في شبكة «فوكس نيوز» الأميركية، لمّح إلى أن «مقرّ الاتصالات الحكومية» البريطاني، وهو الجهة المعنية بمراقبة الاتصالات، ساعد أوباما في التجسس على ترامب قبل الانتخابات التي نُظمت في 8 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وعلّق ناطق باسم رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي، قائلاً: «أوضحنا للإدارة (الأميركية) أن هذه المزاعم سخيفة ويجب تجاهلها، وتلقينا ضمانات بأنها لن تتكرر. لدينا علاقة خاصة وثيقة مع البيت الأبيض، وهذا يتيح لنا إثارة مخاوفنا، كما حدث في هذه الحالة». أتى ذلك بعدما أصدر «مقرّ الاتصالات الحكومية» البريطاني بياناً نادراً، وصف مزاعم نابوليتانو ب «محض هراء ومثيرة للسخرية ويجب تجاهلها». ولا يعلّق المقرّ عادة على الانتقادات الموجّهة إليه، بأكثر من أنه يعمل دوماً في إطار قانوني. وكان ترامب شكا في تغريدة من أن أوباما تنصّت عليه في المراحل الأخيرة من حملته الانتخابية عام 2016، في اتهام اعتبرته الإدارة السابقة «كاذباً». لكن سبايسر أكد الخميس أن الرئيس الأميركي «متمسك» بمزاعمه في هذا الصدد، علماً أن زعيمَي الجمهوريين والديموقراطيين في لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ شددا على أنهما لم يطلعا على أدلة تدعم زعم ترامب. على صعيد آخر، أعلنت الخارجية الأميركية أن الموازنة التي اقترحها ترامب للعالم المالي 2018 لن تخفّض المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل، مستدركة أن الإدارة «تقوّم مستوى المساعدات العسكرية» للدول الأخرى، بينها مصر والأردن. وكان ترامب اقترح خفضاً نسبته 28 في المئة في موازنة وزارة الخارجية ووكالة التنمية الدولية، وتقليص تمويل الأممالمتحدة ومواجهة الاحتباس الحراري وبرامج التبادل الثقافي. وشدد على أن واشنطن لن تدفع أكثر من 25 في المئة من تكاليف عمليات حفظ السلام التابعة للمنظمة الدولية، علماً أنها تساهم ب28.5 في المئة منها، كما أنها أبرز مموّل للأمم المتحدة، إذ تدفع 22 في المئة من موازنتها. واعتبر وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون التخفيضات تصحيحاً ضرورياً لموازنة «مرتفعة تاريخياً» للوزارة، فيما لفتت المندوبة الأميركية لدى الأممالمتحدة نيكي هيلي إلى أن المنظمة الدولية «تنفق في مجالات كثيرة أموالاً أكثر مما يجب وتضع عبئاً مالياً على الولاياتالمتحدة، أكبر بكثير من الدول الأخرى». لكن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حذر من أن خفض واشنطن تمويلها المنظمة «يمكن أن يفرض تبنّي إجراءات خاصة ستقوّض جهود الإصلاح بعيدة المدى»، معتبراً أن مكافحة الإرهاب «تتطلّب ما هو أكثر من الإنفاق العسكري». أما المندوب الفرنسي لدى الأممالمتحدة فرنسوا ديلاتر فنبّه إلى أن «تراجع أميركا والتوجهات الأحادية، أو تفكير دول أخرى فيها، سيشكّل خطراً باستعادة مناخ قديم من سياسة مناطق النفوذ، والتاريخ يعلّمنا أن ذلك لم يؤدِ سوى إلى مزيد من عدم الاستقرار». مايكل فلين من جهة أخرى، نشر النائب الديموقراطي إيليجا كامينغز وثائق تفيد بأن مايكل فلين، المستشار السابق للأمن القومي في البيت الأبيض، تلقّى أكثر من 67 ألف دولار من شركات روسية قبل انتخابات الرئاسة. وطلب كامينغز من الإدارة تزويده سجلاً شاملاً عن اتصالات فلين مع حكومات ومصالح أجنبية. وأشارت الوثائق إلى قبول فلين 33750 دولاراً من شبكة «روسيا اليوم» التي يموّلها الكرملين، ليشارك في احتفال في موسكو في كانون الأول (ديسمبر) 2015، إضافة إلى آلاف الدولارات في مصاريف أخرى غطّتها الشبكة، وتلقّيه رسوماً على خطاب من شركات روسية أخرى. وكان فلين الذي أُقيل عام 2014 من منصبه رئيساً لوكالة استخبارات الدفاع الأميركية، جلس إلى جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الاحتفال الذي نظمته «روسيا اليوم». وطرد ترامب فلين الشهر الماضي، بعدما أقرّ بتضليله نائب الرئيس مايك بنس في شأن اتصالاته بالسفير الروسي في واشنطن سيرغي كيسلياك. وأظهرت الوثائق أن «روسيا اليوم» التي تعتبرها أجهزة الاستخبارات الأميركية بمثابة ذراع دعائية للحكومة الروسية، دفعت أيضاً نفقات إقامة فلين ونجله البكر في فنادق فاخرة ورسوماً أخرى، خلال الرحلة إلى موسكو. ووجّه كامينغز رسالة إلى وزير الدفاع جيمس ماتيس ومدير مكتب التحقيقات الفيديرالي (أف بي آي) جيمس كومي، تتهم فلين ب «انتهاك الدستور من خلال قبوله عشرات الآلاف من الدولارات من عميل لعدوّ عالمي هاجم ديموقراطيتنا». ويشير في ذلك إلى اتهامات لموسكو بالتدخل في انتخابات الرئاسة الأميركية. واعتبر أن قبول فلين أموالاً من «روسيا اليوم» قد ينتهك قانوناً أميركياً يحظّر على الضباط العسكريين المتقاعدين قبول هدايا من قوى أجنبية.