بدت إدارة الرئيس دونالد ترامب مضطرة الى خوض معركتين متوازيتين، الأولى في شأن موازنة 2018 التي تقتطع من برامج بيئية وخارجية وتزيد من الإنفاق العسكري، والثانية حول «قيود السفر» بعد وقف محكمتين فيديراليتين العمل بقانونه الجديد قبل سريانه أمس. ترافق ذلك مع تعيينات جديدة للإدارة الأميركية في وزارة الدفاع ومجلس الأمن القومي، أبرزها ترقية المساعدة الاقتصادية من أصول مصرية دينا حبيب باول لمنصب نائب مستشار الأمن القومي الأميركي. وتكون بذلك أرفع شخصية من أصول عربية في إدارة ترامب. ومن أبرز مهمات باول الجديدة، مسؤولية الإشراف على الاستراتيجية والتنسيق بين الأجهزة الديبلوماسية والعسكرية والاستخباراتية. وهي ستعمل بشكل مباشر مع مستشار الأمن القومي هربرت ماكماستر. وسبق أن عملت باول، المقربة من إيفانكا ترامب، في إدارة جورج بوش، وبعدها في شركة «غولدمان ساكس». وهي تتحدث العربية بطلاقة وحضرت غداء ترامب مع ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. وحظي تعيينها بترحيب من الحزبين، علماً أن معظم القرارات الواجب اتخاذها، تمر على مساعد مستشار الأمن القومي قبل أن تصل إلى وزير الخارجية أو وزير الدفاع ومن ثم إلى الرئيس. كما رشح ترامب أمس باتريك شانهان، وهو نائب رئيس شركة «بوينغ»، لتولي منصب نائب وزير الدفاع. وأمر قاضيان في ولايتي هاواي وماريلاند أمس، بوقف تنفيذ الحظر الثاني على دخول الوافدين من خمس دول شرق أوسطية، قبل ساعات من الموعد المقرر لبدء سريانه. واعتبرا أنه يخفي تمييزاً ضمنياً ضد المسلمين. ومثل ذلك أحدث ضربة قانونية لجهود الإدارة لحظر الهجرة. وانتقد ترامب حكم المحكمة، وقال إنه «يجعلنا نبدو ضعفاء»، وذلك بعدما وقع الحظر بصيغته المعدلة، للتغلب على مشاكل قانونية واجهها الأمر التنفيذي الصادر في كانون الثاني (يناير) الماضي، والذي سبب حالاً من الفوضى في المطارات وأدى إلى احتجاجات كبيرة قبل أن يوقف قاض في واشنطن تنفيذه الشهر الماضي. وقال القاضي ديريك واتسون في حكمه، إنه في حين أن الأمر لم يخص الإسلام بالذكر، فإن «من يتابع المسألة بمنطق وموضوعية، يستنتج أن الأمر التنفيذي صدر بغرض ازدراء ديانة بعينها». وخلال تجمع حاشد في ناشفيل، وصف ترامب أمر حظر دخول المهاجرين والمسافرين المعدل بأنه «نسخة مخففة» من الأمر الأول. وقال: «أعتقد أن علينا العودة إلى الأول وأن نمضي في طريقنا حتى النهاية، وهو ما كنت أريده من البداية». ووصف ترامب قرار القاضي بأنه «تجاوز قضائي لم يسبق له مثيل»، وأكد عزمه على متابعة القضية ل «أقصى حد»، بما في ذلك المحكمة العليا الأميركية. ويعني ذلك دخول الإدارة في معركة قضائية طويلة لإعادة تنفيذ الحظر. كما بدأ ترامب خوض معركة أخرى مع الكونغرس للموافقة على خفوضات جذرية في برامج اتحادية، في الوقت الذي يسعى إلى تعزيز الإنفاق على الدفاع والبدء ببناء جدار على الحدود مع المكسيك وإنفاق مزيد من الأموال على ترحيل المهاجرين السريين. وبموجب الميزانية الفيديرالية المقترحة، فإن العديد من الجهات ستخسر تمويلات، وخصوصاً وكالة حماية البيئة ووزارة الخارجية، علماً أن الموازنة تزيد الإنفاق العسكري ب54 بليون دولار. كما تلحظ الموازنة المقترحة تخصيص تمويل هذا العام لتغطية مشتريات التكنولوجيا العسكرية، على غرار المقاتلة «أف - 35» وأنظمة طائرات بدون طيار وزيادة حجم مواقع احتجاز المهاجرين. ومن المرجح أن ينظر الكونغرس في الطلبات الإضافية بحلول 28 نيسان (أبريل) المقبل، حين تنتهي صلاحية التمويل الاعتيادي القائم، وتعهد الديموقراطيون التصدي لها. كما تواجه خطة ترامب لإيجاد بديل ل «أوباما كير» عراقيل كبيرة في الكونغرس، ما يقلل من احتمالات الموافقة عليها خلال الشهر الجاري بسبب اعتراضات من داخل الحزب الجمهوري. في الوقت ذاته، أثارت مسوّدة الموازنة الأميركية مخاوف في الأممالمتحدة من تراجع فاعلية جهودها، خصوصاً بالنسبة إلى عمليات حفظ السلام. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن الخفض الحاد في مساهمات الدول في تمويل الأممالمتحدة يمكن أن يقوض جهود إصلاحها، مؤكداً التزامه الإصلاح وحرصه على أن تؤدي المنظمة الوظائف الموكلة إليها بفاعلية. وأبدى غوتيريش استعداده «للبحث مع الولاياتالمتحدة وأي دولة أخرى في كيفية ترشيد الإنفاق في الأممالمتحدة لتحقيق الأهداف والقيم المشتركة بيننا»، علماً أنه لم يتمكن حتى الآن من لقاء ترامب.