أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن ارتياحه لنتائج التعاون بين موسكو وأنقرة في تثبيت الهدنة في سورية ودفع محادثات سلام. وتحدث عن «خطط مستقبلية» يتم تنسيقها مع تركيا لمحاربة الإرهاب وإنجاح التسوية السياسية. فيما حملت الخارجية الروسية على «جهات في الغرب ترفض إدانة الإرهاب في سورية وتسعى إلى عرقلة مسار المفاوضات»، وقالت إن قرار ممثلي المعارضة السورية مقاطعة أحدث جولات مفاوضات السلام في آستانة كان مبادرة «من طرف ثالث». وشدد بوتين خلال مراسم تسلّمه أوراق اعتماد عدد من السفراء الأجانب، بينهم سفراء تركيا وتونس وقطر وإسرائيل، على أن موسكو «لا تقسّم شركاءها إلى كبار وصغار، بل مستعدة لإطلاق حوار متكافئ وتعزيز التعاون البناء على أساس الاحترام المتبادل مع كل دولة». وأشار إلى الوضع في منطقة الشرق الأوسط، وفي سورية خصوصاً، مؤكداً أن روسيا «تعارض محاولات زعزعة العلاقات الدولية، والوضع الحالي بحاجة إلى معالجة، على الصعيدين الإقليمي والدولي، ما يتطلب التحلي بالضبط النفس والحكمة والمسؤولية». وذكّر بأن «الدور النشط لروسياوتركيا ساهم بقدر كبير في وقف الأعمال القتالية بين الجيش السوري والمعارضة المسلحة». وزاد: «نعرف الدور الذي لعبته تركيا في ذلك، ونقدّره عالياً، وهو سمح بالشروع في عملية التفاوض السلمية حول سورية في آستانة». وأضاف بوتين أن لقاءه الأخير مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان قبل أيام، شهد نقاشات ل «خطط مستقبلية في سياق محاربة الإرهاب في سورية والتسوية السياسية في هذا البلد». بالتزامن، حملت الخارجية الروسية على «بلدان غربية تسعى إلى عرقلة المفاوضات وترفض إدانة الإرهاب في سورية». وقالت الناطقة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا إن بلداناً غربية «تستخدم ذرائع مختلفة لعرقلة صدور أي إدانة للعمليات الإرهابية التي تستهدف المدن السورية»، في إشارة إلى إحباط عدد من البلدان أخيراً مشروع بيان رئاسي اقترحته روسيا على مجلس الأمن لإدانة سلسلة هجمات شهدتها دمشق ومدن أخرى. واعتبرت زاخاروفا أن ذلك «يدفع إلى التشكيك في التزام هذه الدول بمكافحة الإرهاب في سورية». وجددت الناطقة الروسية انتقاد موقف المعارضة المسلحة التي قاطعت الجولة الثالثة من مفاوضات آستانة، وقالت إن قرار المقاطعة كان بمبادرة من طرف ثالث لم تحدده. واعتبرت موقفها «غير مبرر وغير مقنع ومؤشراً إلى عدم رغبة المعارضة في تسوية المشكلات القائمة». لكنها أعربت عن ارتياح ل «فشل جهات دفعت المعارضة السورية إلى مقاطعة المفاوضات الأخيرة في آستانة في تقويض عمليتي المفاوضات في آستانة وجنيف». في إشارة إلى غياب الفصائل المسلحة عن المفاوضات قبل التحاق وفد تقني منها أمس لإجراء مشاورات مع وفود البلدان الضامنة للهدنة والتي بقيت في عاصمة كازاخستان. وأكدت أن مفاوضات آستانة «متواصلة وهي تساعد على وقف إراقة الدماء في سورية، والبحث عن حلول سياسية على أساس قرار مجلس الأمن الرقم 2254». وانتقدت زاخاروفا إجراء اجتماع مغلق في لاهاي قبل أيام كرّس لإنشاء ما يسمى ب «آلية» لتقديم المساعدة في التحقيق بارتكاب الجرائم ومعاقبة المسؤولين عن الجرائم الخطرة في سورية منذ عام 2011. واعتبرت أن هذه الآلية «غير مجدية» ولا أساس قانونياً لها. باعتبار أن القرار الخاص بإنشائها يخرج عن نطاق صلاحيات الجمعية العامة ويخالف ميثاق الأممالمتحدة. وقالت إن التركيز على هذه القضية في المرحلة الحالية، التي «تشهد تطور عملية المفاوضات» في آستانة وجنيف، قد يصبح عقبة خطيرة أمام إيجاد حل سياسي. وأعربت عن قلق موسكو من أنباء حول استعمال تنظيم «داعش» مواد سامة في مدينة الموصل العراقية، مؤكدة «ثقة موسكو في حصول مسلحي «داعش» و «جبهة النصرة» على مواد سامة قتالية (السارين والخردل)». إلى ذلك، دانت الخارجية الروسية «الهجمات الإرهابية الدامية» التي وقعت في دمشق الأربعاء. واعتبرت في بيان أنها تهدف إلى «نسف الجهد الديبلوماسي في آستانة». وحذّر البيان من أن «تغاضي البعض عن الأعمال الإرهابية التي تجري في سورية، ورفض إدانتها وعدم الاقتراب من الإرهابيين هناك، وإدانتهم ومحاربتهم في دول أخرى، هي سياسة الكيل بمكيالين، وهذه السياسة تلقي بظلال الشك على هؤلاء الأشخاص والدول ونيتهم الحقيقية بمحاربة الإرهاب». على صعيد آخر، أعلنت موسكو أنها نشرت في مدينة تدمر وحدة عسكرية أخرى من مفرزة إزالة الألغام التابعة للقوات المسلحة الروسية. وقال بيان عسكري ان الطيران الحربي نقل جنوداً وآليات ومعدات الوحدة إلى قاعدة حميميم (الساحل السوري)، ومنها توجه التشكيل إلى تدمر وبدأ عملية إزالة الألغام. وأعلنت موسكو في وقت سابق أنها طرحت على الأممالمتحدة، خلال جولة مفاوضات آستانة الأخيرة، إنشاء آلية دولية مشتركة لنزع الألغام، على أن تبدأ عملها في تدمر وتنتقل بعد ذلك إلى مناطق أخرى في سورية.