تواصلت الانتقادات الدولية لحكم قضائي بإعدام 37 من أنصار الرئيس المصري المعزول محمد مرسي وقرار قضائي يُمهد لإعدام 683 آخرين بينهم مرشد جماعة «الإخوان المسلمين» محمد بديع. وكانت محكمة جنايات المنيا أحالت أوراق 683 من أنصار مرسي، بينهم بديع، على المفتي. وأرجأت النطق بالحكم إلى جلسة 21 حزيران (يونيو) المقبل، إلى حين ورود رأي المفتي، علماً بأنه غير ملزم لهيئة المحكمة. وقضت المحكمة نفسها بإعدام 37 من أنصار مرسي والسجن المؤبد ل492 متهماً دينوا بالقتل والشروع في القتل. ووصفت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون الحكم بأنه «انتهاك للقانون الدولي». وحضت السلطات المصرية على ضمان حق المتهمين في «محاكمة نزيهة وبكفاءة أعلى». وقالت في بيان: «من الواضح أن هذه المحاكمات الجماعية انتهاك لقوانين حقوق الإنسان الدولية. التهم المحددة ضد كل متهم مازالت غير واضحة وإجراءات المحاكمة تفتقر أغلب المعايير الأساسية للإجراءات الواجبة، وتبدو الأحكام غير متناسبة بصورة فادحة ولا تصل إلى حد الالتزام بمبدأ المحاكمة الفردية». وأعربت عن قلق الاتحاد إزاء وفاء مصر بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان «وجدية تحول مصر إلى الديموقراطية». ودعت السلطات إلى «التراجع فوراً» عن ذلك الاتجاه «الذي يعرض للخطر أي احتمالات للتغلب على الانقسامات داخل المجتمع، وإلى ضمان التقدم تجاه مصر ديموقراطية ومستقرة ومزدهرة». من جانبه، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المصري نبيل فهمي في واشنطن، إن «القرارات القضائية الأخيرة في مصر تمثل تحديات جادة أمام الجميع». ورد فهمي بأن المحاكم «مستقلة، لكنها بالطبع جزء من مصر، ولا أستطيع التعليق على العملية القضائية. عند استكمال تلك العملية، سيصل القضاء إلى قرارات مناسبة في كل واحدة من هذه القضايا». واعتبرت القاهرة أن تلك الانتقادات غير مقبولة. وقال وزير العدل نير عثمان إن «أولى المبادئ المستقرة المتفق عليها عالمياً في شأن استقلال القضاء عن بقية سلطات الدولة، هي عدم التعليق والتعقيب على أحكام القضاء»، مضيفاً في مؤتمر صحافي أمس أن «الانتقادات وأعمال التعقيب كافة التي طاولت الحكم الصادر من محكمة جنايات المنيا أخيراً بحق مرتكبي أعمال العنف والإرهاب والقتل، صدرت من دون الاطلاع على أسباب الحكم والوقوف على طبيعة الاتهامات المنسوبة إلى المتهمين». وأشار إلى أن القضاء «مستقل ومشهود له بالكفاءة والعدالة والنزاهة قبل أن تعرف العديد من الدول معنى القضاء»، مشدداً على أن «وزارة العدل من جانبها لا تسمح بأن يتم النيل بأي قدر من هذا الاستقلال، الذي تكون أولى مبادئه عدم التعقيب على الأحكام القضائية». وأكد أنه «لا يملك أي مسؤول في الدولة المصرية، بما في ذلك وزير العدل نفسه، أي سلطة على القاضي»، مشدداً على أن «مصر لا تقبل من أي دولة من دول العالم أن تبدي رأياً أو تعترض على حكم قضائي». وأوضح أن «القانون نظم طرق الطعن على الأحكام القضائية... محاكمة الأحكام تكون بالطعن عليها بالصور التي رسمها القانون وحده». وأضاف أن «القانون وضع كثيراً من الضمانات التي تكفل المحاكمة القانونية العادلة والمنصفة للمتهم الصادر ضده حكم غيابي بالإعدام حينما يتم ضبطه أو يقوم بتسليم نفسه، حيث تتم إعادة إجراءات محاكمته من جديد... القانون أحاط عقوبة الإعدام على وجه التحديد بضمانات مكثفة حرصاً على حق المحكوم عليه». وشدد رئيس نادي القضاة أحمد الزند على إن «قضاء مصر ليس في مهمة انتقامية». وأضاف في مؤتمر صحافي بعد لقاء مع أعضاء في البرلمان الأوروبي: «نحن لا ندافع عن حكم قضائي أو ندافع عن قاض ولا نناقش الأحكام... هناك انتقائية ظالمة في التعامل مع الأحكام جعلت هناك تصوراً خاطئاً بأن المحاكم المصرية لم تقض بالأمانة، ويوحي بأن للقضاة موقفاً معيناً ضد جماعة، وهذا الطرح كاذب ومضلل، فالقضاء لا يعرف أحزاباً أو جماعات». وأضاف أن «قضاة مصر والشعب في عمومه لا يهتم ولا يجب أن يهتم بتعليقات وانتقادات بعض الدول». وعلق مرشد «الإخوان» مجدداً على قرار إحالته ومئات آخرين على المفتي، خلال مثوله ومرسي وعشرات «الإخوان» أمس للمحاكمة في قضية الفرار من سجن وادي النطرون إبان الثورة. وقال بديع: «لم أحضر المحاكمة وحكم علي وألف آخرين بالإعدام. دماؤنا تهدر بسبب أحكام باطلة، وقضاة الانقلاب يحاكموننا سياسياً، وهذا الانقلاب سيزول». وكان رئيس المحكمة شعبان الشامي حكم بسجن الداعية المحسوب على جماعة «الإخوان» صفوت حجازي سنة بتهمة «إهانة القضاء»، بعد أن نادى القاضي باسمه مجرداً. وطرد رئيس المحكمة حجازي والقيادي في «الإخوان» محمد البلتاجي من الجلسة بعدما أثارا ضجة في القاعة، ورفعها للاستراحة إلى حين إخراجهما من القفص. وتظاهرت أمس عشرات الطالبات في جامعة الأزهر للتنديد بأحكام الإعدام. وأطلقن الألعاب النارية في الهواء، قبل أن يخرجن من الجامعة إلى الشارع الرئيس، وتصدت قوات من الشرطة لهن، وفرقتهن بقنابل الغاز المسيل للدموع. كما فرقت قوات الشرطة مسيرة لأنصار مرسي في مدينة الزقازيق في محافظة الشرقية، بعد اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن. وألقت القبض على عدد منهم.