غادرت رئيسة كوريا الجنوبية المعزولة بارك غيون هاي مقر الرئاسة المسمى ب «البيت الأزرق» أمس، بعد يومين من عزل المحكمة إياها بسبب فضيحة فساد لتعود بذلك إلى صفوف المواطنين، لكنها قد تواجه السجن. وأبدت بارك التحدي لدى وصولها لمنزلها الخاص في حي غانغنام في العاصمة سيول بعد أن غادرت «البيت الأزرق» في موكب سيارات سوداء رافقته دراجات نارية للشرطة. ونقل الناطق باسم بارك، النائب مين كيونغ ووك، عنها قولها: «أشعر بالأسف لأنني لم أتمكن من إنهاء ولايتي الممنوحة لي كرئيسة». وأضاف في أول تصريحات علنية لها منذ عزلها: «سيستغرق الأمر وقتاً لكنني أعتقد أن الحقيقة ستنكشف». وتقبلت بارك المسؤولية عن الأحداث التي بلغت ذروتها بحكم المحكمة الدستورية الصادر يوم الجمعة الماضي، بتأييد تصويت البرلمان بمساءلتها بسبب فضيحة استغلال نفوذ هزت نخبة السياسة والأعمال في البلاد. ونقل الناطق باسم بارك عنها قولها: «أتحمل مسؤولية نتيجة كل ذلك». وبارك (65 سنة) هي أول رئيسة كورية جنوبية منتخبة ديموقراطياً تُعزل من منصبها. وستجرى انتخابات رئاسية مبكرة في 9 أيار (مايو) لاختيار خلف لها. وجاءت الإطاحة بها بعد أشهر من الجمود السياسي والاضطرابات بشأن فضيحة فساد زجت أيضاً برئيس مجموعة سامسونغ العملاقة في السجن وأخضعته للمحاكمة. وتزامنت الأزمة مع توترات متزايدة مع كوريا الشمالية وغضب صيني بسبب نشر نظام دفاع صاروخي أميركي في كوريا الجنوبية. ولوحت حشود من مؤيدي بارك بالإعلام خارج منزل الرئيسة المعزولة لدى وصولها بعد نحو 30 دقيقة من مغادرتها القصر الرئاسي. ولوحت بارك لمؤيديها عبر نافذة السيارة ثم ترجلت مبتسمة في أول ظهور علني لها منذ عزلها وحيت مؤيديها. ويُعتبر عزل بارك سقوطاً درامياً لأول امرأة تتولى رئاسة كوريا الجنوبية ولابنة بارك تشونغ هي الدكتاتور العسكري السابق الذي حكم البلاد في فترة الحرب الباردة. ولم تكن تلك هي المرة الأولى التي تغادر فيها بارك «البيت الأزرق»، ففي عام 1979 وبعد 9 أيام من الحداد عقب اغتيال والدها، غادرته مع إخوتها وتوجهوا إلى منزل عائلي. وكانت بارك تقوم بدور السيدة الأولى بعد مقتل والدتها بالرصاص في محاولة اغتيال سابقة لوالدها. وقد تواجه بارك الآن بعد أن فقدت حصانتها الرئاسية اتهامات جنائية في اتهامات بالرشى والابتزاز واستغلال السلطة في ما يتعلق بمزاعم عن تآمرها مع صديقتها تشوي سون سيل. وتنفي المرأتان ارتكاب أخطاء. وتعهد مون جاي إن، السياسي الكوري الجنوبي الذي من المرجح أن يكون الرئيس التالي للبلاد، بالعمل على تحقيق العدالة والاحتكام إلى الحس السليم. ويتصدر مون، الذي يدعو إلى المصالحة مع كوريا الشمالية، استطلاعات الرأي لخلافة بارك. وقال مون في مؤتمر صحافي أمس: «لا يزال أمامنا طريق طويل نقطعه. علينا أن نجعل هذا البلد بلد عدالة وحس سليم من خلال تغيير النظام». ودعا مون الرئيسة المعزولة بارك إلى إعلان تقبلها حكم المحكمة. واحتفل آلاف من معارضي بارك في سيول أول من أمس، حيث احتشدوا في عطلات نهاية الأسبوع على مدى أشهر للمطالبة بإقالتها، وطالبوا باعتقالها. كما نزل مؤيدوها من المحافظين إلى الشوارع أيضاً على مقربة من معارضيها لكنهم كانوا أقل عدداً. وانتشرت الشرطة بدروع مكافحة الشغب إلا أنه لم ترد تقارير عن وقوع اضطرابات خلال التظاهرات. وكان 2 من مؤيدي بارك لقيا حتفهما خلال تظاهرات احتجاجية لدى محاولتهما اقتحام صفوف الشرطة خارج المحكمة يوم الجمعة الماضي.