تكثفت المفاوضات مع الرئيسة الكورية الجنوبية المعزولة بارك غيون هي، لإقناعها بمغادرة القصر الرئاسي المعروف ب «البيت الأزرق»، وتجنيب البلاد صدامات بعد سقوط قتيلين وعدد من الجرحى في صفوف أنصارها خلال احتجاج على قرار المحكمة الدستورية أمس، القاضي بتثبيت قرار البرلمان في 9 كانون الأول (ديسمبر) الماضي بعزل الرئيسة، ما وضع حداً لأشهر من البلبلة السياسية. وتراهن بارك على أنصارها، كونها ابنة الجنرال بارك جونغ هي الذي نفذ انقلاباً عسكرياً في 1962 حكم بموجبه البلاد بيد من حديد حتى اغتياله عام 1979. ويمهد حكم المحكمة الدستورية، وهي أعلى هيئة قضائية في البلاد، لملاحقة الرئيسة المعزولة قضائياً بتهمة التورط بفضيحة فساد. كما يستدعي تثبيت قرار البرلمان تنظيم انتخابات رئاسية خلال 60 يوماً، يتوقع أن يفوز فيها مون جاي، الزعيم السابق ل «الحزب الديموقراطي» المعارض. وباتت بارك الرئيسة الأولى في كوريا الجنوبية التي تطاح قضائياً بتهمة فساد، ويأتي ذلك بعد ثلاث سنوات من استقالة رئيس الوزراء لي وان جو طوعاً، بعد اتهامه بالفساد. وهي أيضاً الرئيسة الثانية عالمياً التي يطيحها الفساد بعد رئيسة البرازيل ديلما روسيف التي أقيلت العام الماضي. وقال الناطق باسم القصر كيم دونغ جو، إن بارك «لم توضع خطط لرحيلها، ولا تستطيع لأسباب أمنية العودة إلى منزلها في سامسيونغ دونغ» بضاحية غانغنام الراقية في العاصمة سيول. وتوفي مؤيدان لبارك خلال مشاركتهما في احتجاج تخلله عنف أمام مقر المحكمة الدستورية. وأعلنت الشرطة التي نشرت حوالى 4600 عنصر أمام المحكمة إن «مؤيدي بارك حاولوا اقتحام حواجز فرددنا باستخدام رذاذ الفلفل». وقال تشو بونغ أم (60 سنة) أحد مؤيدي بارك: «نرفض القرار، وسننزل إلى الشارع للمقاومة حتى النهاية». واعتبر رئيس المحكمة لي جونغ مي، أن عزل الرئيسة «يبرره انتهاكها الدستور والقوانين. وكانت بارك اعتذرت مرات عن الفضيحة التي تعلقت باستفادة شريكة لها من منصبها، لكنها نفت أي سلوك خاطئ، وقالت: «لم أسعَ أبداً إلى مكاسب شخصية أو إلى استغلال منصبي كرئيسة». وأبدى محامو بارك خيبتهم، فيما اعتبر النائب المعارض كيون سيونغ دونغ، أن قرار المحكمة «يؤكد أن القانون يفرض تساوي الجميع أمام القضاء». واعتذر حزب «حرية كوريا» الذي تتبع له بارك إلى الشعب، وقال رئيسه بالوكالة: «فشلنا في الحفاظ على كرامة البلاد وعزة نفسها». وتعهد رئيس الوزراء القائم بأعمال الرئيس هوانغ كيو «تحقيق الاستقرار في إدارة شؤون البلاد من أجل منع تفاقم الصراع الداخلي»، وطالب الوزراء المعنيين بالاستعداد سريعاً لإجراء انتخابات رئاسية خلال 60 يوماً. وفي أبرز ردود الفعل الدولية، وصفت بيونغيانغ الرئيسة الكورية الجنوبية المعزولة بأنها «مجرمة عادية»، فيما اعتبر الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر قرار الإقالة «شأناً داخلياً»، مع الأمل بإقامة «علاقة بناءة» مع الرئيس الكوري الجنوبي المقبل، مؤكداً أن واشنطن «تواصل الوفاء بكل التزاماتها في مواجهة التهديد الكوري الشمالي».