يعيش مدرّس اللغة العربية الأردني معمر القريوتي حالة عشق للموسيقى وفنون المسرح. وانطلاقاً من ذلك، راح يقدّم قواعد اللغة وقصائد بعد تلحين كلماتها ووضع سيناريوات مسرحية تعليمية، يتفاعل معها تلامذته. يبدو للوهة الأولى أن القريوتي يحضّر لتقديم حفلة موسيقية لا الذهاب إلى المدرسة لإعطاء دروس اللغة العربية لتلامذة الثانوية العامة كل صباح، وهو يحرص على أن يأتي إلى الحصة المدرسية خالياً من الكتب والطبشور وسواها من مستلزمات التدريس التقليدية. منذ عشر سنوات، يستبدل القريوتي كتاب المنهاج والطبشور بالطبلة وورق اللعب، وإن حمل بعض الأوراق عند قدومه إلى الحصة المدرسية فهي بالطبع لن تكون منهاجاً اعتيادياً بل لسيناريو مسرحي أو لقواعد لعبة معينة سيتقنها الطلاب في نهاية الحصة. وبصوته الجميل، يبدأ القريوتي غناء أنشودة من أحدى القصائد العربية كطريقة لبث الحماسة في روح الطلاب في بداية الحصة، على أن يكررها من بعده الطلاب بهدف حفظها وترسيخها بعيداً من الملل والتعقيد. هكذا، باتت قصائد المتنبي وأحمد شوقي وغيرهما متعة لدى تلامذة القريوتي الذي قدم لهم أساليب شيقة لحفظها، من غناء القصيدة والرقص عليها بطريقة «الدحية» الشعبية، أو تمثيلها على شكل مسرحية متكاملة في الصف. يوزّع القريوتي في بداية الحصة الواجبات التي جهزت بما يتناسب مع كل درس على أكثر من مجموعة، فينشغل تلامذة في حفظ سيناريو مسرحي، ويعمل آخرون على حفظ قاعدة نحوية بطريقة الغناء الجماعي. وعادة ما يشارك القريوتي تلامذة في كل فقرات الحصة اليومية، خصوصاً في لعب الورق الذي يعتبره من أكثر النشاطات فاعلية في تعليم درس من دروس اللغة العربية. ويقول ل «الحياة» إن عشقه لفنون المسرح والغناء دفعه إلى البحث على أساليب متعددة لاستخدام مواهبه في العملية التعليمية، موضحاً أنه بعدما استخدم أساليبه غير التقليدية وجد تفاعلاً واهتماماً غير متوقعين، ناهيك بتحسن مستوى التلامذة. ولفت القريوتي إلى أن طريقته في التعليم تندرج تحت مسمى التعليم التفاعلي أو النشط، وأنه وجد دراسات عديدة تتحدث عن هذا الأسلوب، إلا أنه لم يجده مطبقاً على أرض الواقع، مؤكداً أن التعليم التفاعلي يساهم في بناء ذات التلميذ وروحه التشاركية ويكسر الجمود ما بين التلميذ والدرس. وعبر التلميذ علي الزواهرة عن مدى حبه لحصة اللغة العربية لما تبث فيه روح المرح والطاقة، وبين أنه منذ اندماجه في أسلوب المعلم معمر القريوتي أصبح من أكثر محبي مادة اللغة العربية. أما زميله بلال سعيد فقال إنه اعتاد على أسلوب التلقين في التعليم المدرسي من دون الوصول إلى المستوى المرجو في نهاية العام، بينما يحرص القريوتي على الأسلوب غير التقليدي ومراعاة الاختلاف في المستوى الفكري بين التلامذة، ما يعزز التحصيل العلمي. ختاماً، يدعو القريوتي أن تعمم وزارة التربية والتعليم في الأردن طريقة التعليم التفاعلي في مدارس المملكة، بعد أن يقتنع بها المعلمون حتى يتم تطبيقها على أكمل وجهة، فتحوّل الصف المدرسي إلى ساحة مسرحية تعليمية.