المطبخ الجازاني عامر بأطايب الأطعمة والأكلات الشعبية، والمحشوش هو أكلة شعبية جازانية موسمية، ففي مثل هذه الأيام من كل عام، وبعد أن تؤدي جموع المسلمين في كل مكان شعيرة النحر، تتوافد هدايا اللحم على كل منزل، ناهيك عن حصة الثلث لأهل البيت من كل أضحية، وفي جازان تتفنن ربات البيوت في تحضير المحشوش، وهو ببساطة عبارة عن أجود اللحم المقطّع إلى أجزاء صغيرة ثم يطبخ مع الدهن ويقدم على المائدة، أو يحفظ منه في البراد ثم يتم تقديمه لاحقاً. المحشوش والأطباق على شاكلته لا يمكن وصفها بالوجبات الصحية، خصوصاً متى كان الإسراف في تناولها على امتداد أيام العيد، تلك الأطباق تحجز موقعاً رئيساً على مائدة الطعام، وتتسابق الأيدي لتناولها ربما على حساب بقية الأطباق، وأطباق مشبعة بالدهون الحيوانية التي تتجاوز حاجة جسم الإنسان بمراحل، لا شك في أن لها آثارها السلبية على المدى البعيد. إنني لا أكتب هذه السطور من باب المبالغة، ولا أوجّه أصابع الاتهام الى المحشوش دون سواه، لأنني أكاد أجزم بأنه توجد في ثقافة كل منطقة من بلادنا طريقة للتفنن في تحضير أطباق اللحوم في موسم عيد الأضحى، ولا تكاد تخلو كل طريقة من بعض المضار الصحية، خصوصاً إذا تم تناول تلك الأطباق بلا تقنين. كل ما في الأمر أنني أردت أن أبعث برسالة عنوانها الاهتمام بسلامتنا وصحتنا، ومضمونها يا حبذا لو اقتصدنا في تناول هذه النوعيات من الأطعمة، وأعتقد بأن ربات البيوت يمتلكن حس المسؤولية والخوف على صحة ذويهن، ما يدفعهن لأخذ الموضوع على محمل الجد. لا تفتأ الأرقام المخيفة والنسب المرتفعة لأعداد المصابين بالوعكات الصحية بسبب الإفراط في تناول الدهون تدق نواقيس الخطر، من ارتفاع الكوليسترول إلى ارتفاع ضغط الدم مروراً بانسداد الشرايين وانتهاءً بأمراض القلب، تلك الأرقام وغيرها هي مؤشرات لا بد من أن تدفعنا إلى مزيد من العمل لنشر ثقافة صحية تحض على اتباع أنماط غذائية سليمة باتزان وبلا حرمان، فالمعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء... أليس العاقل من اتعظ؟