ما أن انتشر أمس (الخميس) مقطعاً مصوراً يظهر تهجّم «محتسب» على أعضاء عرض فلكلوري ماليزي خلال النسخة الحالية من معرض الرياض الدولي للكتاب، حتى غصت مواقع التواصل الاجتماعي بالفيديو، ترافقه تعليقات ووسوم مستهجنة للواقعة. وظهر في المقطع رجل تهجّم على عرض الجناح الماليزي الذي يشارك ضيف شرف هذا العام، ورمى «المايكروفون»، فيما صرخت امرأة باللغة الإنكليزية: «نحن ضيوف شرف، يجب أن لا يعاملنا بهذه الطريقة». واستنكر رواد «تويتر» ما حدث، وكتب علي الحازمي معلقاً على الفيديو: «لا شيء.. غير مشهد يتكرر كل عام يسيء للثقافة والفن ويسيء لنا جميعاً»، فيما دون أحمد الدحيم: «عزيزي الصحوي: لا تريد فعالية لا تحضرها، الوطن للجميع رغماً عن أنف كل اقصائي». وعلّق آخر: «يا أخي باختصار ما فيه نظام يردعهم، كل سنة تتكرر مثل هذه الحوادث، حتى حفل محمد عبده لو كان مجاناً والله ليكسروا العود على راسه»، في إشارة إلى حفل غنائي أحياه عبده البارحة في العاصمة السعودية برفقة الفنان راشد الماجد. وغرّد رامي بدر: «محتسبٌ يتهجم على الفرقة الماليزية من باب إنكار المنكر. الجمهور استنكروا والماليزيين انصدموا»، وأضاف: «لك الحق في كره المعازف لكن ليس لك الحق في التطاول بيدك مت دون أي صفة دينية ورسمية. هناك لجان مسؤولة عن المعرض أو لا تجي المعرض أثابك الله»، وأكد أنه «يجب مراجعة مفهوم الاحتساب مراجعة شرعية تصحيحية، لأنه أصبح شرارة التطرف ومن ينكر بيده لا تستغرب منه أن ينكر بالسلاح. موروث لا بد أن يعالج». وانتقد مغرد الفعل معتذراً من «ضيف الشرف» قائلاً: «نموذج لا يمثل وجهة نظر الشعب السعودي... نعتذر أشد الاعتذار من الماليزيين»، فيما دعا عبد العزيز العتيقي إلى اتخاذ الإجراءات في حقه، وكتب: «يجب أن يعاقب ويكون عبرة لغيره»، وأيده بذلك عامر الأحمد بقوله: «ما لم يتم تصنيف هذه التصرفات قانونياً ضمن الإرهاب والتعدي على الأمن العام وسيادة الدولة، وسن عقوبات صارمة، فلن يرتدعوا». ويحرص «متشددون» على تصدر المحافل الثقافية في السعودية سنوياً، وخصوصاً معرض الرياض الدولي للكتاب، عبر قصص «مثيرة» يفتعلونها اعتراضاً على كتب، أو على اختلاط، أو على نشاط، كان آخرها حادث أمس. بدوره، قال الناطق باسم وزارة الثقافة الإعلام هاني الغفيلي ل«الحياة»: «حدث اعتراض فردي من أحد الحضور على مشاركة الفولكلور الماليزي (الدولة الضيف) في جناحها، وتم التعامل مع الحدث بصورة سريعة جداً». واعتاد «المحتسبون» التلويح ب«لواء الفضيلة» أمام زوار المعرض ومنظميه، لتبرير مصادرة كتاب، أو الترصد إلى الزائرات بدعوى «الحفاظ على عدم الاختلاط» حتى أضحى وجود المحتسبين مشهداً متكرراً في نسخ المعرض الذي أصبح من وجهة نظر أحد الكتاب «تظاهرة للثقافة والاحتساب معاً»، وتحولت رسالته إلى «التعايش مع المحتسبين». وتكررت «غزوات المحتسبين» للمحفل الثقافي الأهم في السعودية، وأصبحت حدثاً أساسياً ينتظره المتابعون سنوياً، فلا يخلو من إثارة تشتعل بها مواقع التواصل الاجتماعي، ودافعاً إلى زيارة المعرض في حد ذاته بالنسبة إلى كثيرين اعتبروا الدورة التي لا يرافقها ضجيج المحتسبين «لا تدعو إلى الاهتمام».